وترك الأمر على حاله، ليس بمعنى النفاق، إذا ماذا؟ فهذا قول في مقابل قول جمهور المفسرين!
يقول الفخر الرازي وهو يريد أن يدافع عن قول جمهور المفسرين، لاحظوا بدقة قوله: قول المفسرين حق، وذلك لأنه كان في معلوم الله تعالى أن النفاق سيحدث، أي في المدينة المنورة، فأخبر عما سيكون، وعلى هذا تصير هذه الآية معجزة، لأنه إخبار عن غيب سيقع، وقد وقع على وفق الخبر، فيكون معجزا!!
كان ذكر الذين انحصر في قلوبهم مرض هنا معجزة، لكن لن يرتضي الفخر الرازي أيضا هذا التوجيه مع ذكره له.
والعجيب من الفخر الرازي حيث يقول: جمهور المفسرين قالوا إنهم الكافرون، وهو يدافع عن قولهم ويقول: هو حق، ثم يحمل الآية على أنه إخبار عن النفاق الذي سيقع.
فإذا كان قول المفسرين حقا، فقد فسروا بأنهم الكافرون، وأنت تقول: بأن هذا إخبار عن النفاق الذي سيقع في المدينة المنورة، فكيف كان قول المفسرين حقا؟ وهذا يكشف عن تحيرهم واضطرابهم في القضية.
ومما يزيد في وضوح الاضطراب قوله بعد ذلك: - أرجو الملاحظة بدقة -: ويجوز أن يراد بالمرض الشك.
أي: الذين في قلوبهم شك، لكن يعود الإشكال، فمن الذين في قلوبهم شك، في بدء الدعوة في مكة، في مقابل الذين آمنوا، والذين كفروا، وأهل الكتاب؟
فيعلل كلامه قائلا: لأن أهل مكة كان أكثرهم شاكين.
فنقول: من المراد هنا من أهل مكة؟ هل المراد أهل الكتاب؟ هل المراد الكفار والمشركون؟ من هؤلاء الذين أكثرهم مشركون؟
وقد زاد في الطين بلة فقال: وبعضهم كانوا قاطعين بالكذب؟
وهذا عجيب من مثل الفخر الرازي، عجيب والله، وليس إلا الاضطراب والحيرة!!
هذا، والفخر الرازي في مثل هذه المواضع يأخذ من الزمخشري ولا يذكر اسم