الأمة الإسلامية أمة وسطا بين اليهود والنصارى، أو وسطا بمعنى عدلا بين الإفراط والتفريط في الأمور، فالآية المباركة تلحظ الأمة بما هي أمة، وليس المقصود فيها أن يكون كل واحد من أفرادها موصوفا بالعدالة، لأن واقع الأمر، ولأن الموجود في الخارج، يكذب هذا المعنى، ومن الذي يلتزم بأن كل فرد فرد من أفراد الصحابة كان * (خير أمة أخرجت للناس) * * (كذلك جعلناكم أمة وسطا) * أي عدلا، ومن يلتزم بهذا؟
إذن، لا علاقة للآية المباركة بالأفراد، وإنما المقصود من الآية مجموع الأمة من حيث المجموع.
الآية الثالثة: * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا) * (1).
أولا: هذه الآية مختصة بأهل بيعة الرضوان، بيعة الشجرة، ولا علاقة لها بسائر الصحابة، فيكون الدليل أخص من المدعى.
ثانيا: في الآية المباركة قيود، في الآية رضا الله سبحانه وتعالى عن المؤمنين، الذين بايعوا * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) *، ثم إن هناك شرطا آخر وهو موجود في القرآن الكريم * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد...) * إلى آخر الآية (2).
قال المفسرون كابن كثير والزمخشري وغيرهما: إن رضوان الله وسكينته مشروطة بالوفاء بالعهد وعدم نكث العهد (3).