وإلى غير ذلك من الأدلة الأخرى على تخصيص العام التي تكشف عن عناية الشيخ البالغة في الفحص عن المخصص قبل العمل بالعام، وفيه ما يكفي على دور الشيخ في دراية الحديث وروايته.
ثامنا: الحمل على الإنكار دون الإخبار:
هناك جملة من الروايات تفيد بظاهرها الإخبار - بكسر الهمزة - عن شئ ببيان حكمه، وهي في الواقع بخلاف ظاهرها، لأنها ليست سوى مجرد الإنكار لهذا الحكم والتعجب ممن يقول به، نظير ما لو قال أب مسلم لولده: يجوز لك ترك الصلاة؟!!
ولو أردنا بيان المراد من العبارة بدون الاعتماد على أية قرينة، فليس أمامنا سوى معنى واحد لها، وهو تجويز الأب لولده ترك صلاته.
وأما لو تعاملنا مع العبارة على أساس آخر، لكان المعنى شيئا آخر تماما، ومعنى هذا: إنا حملنا العبارة على تنبيه الأب ولده بسوء فعله وتعجبه من ترك صلاته.. وهكذا في كل عبارة يكون ظاهرها الإقرار بشئ وباطنها إنكاره.
وأما عن الروايات الواردة على هذه الشاكلة، فهي وإن كانت واضحة المراد بالنسبة لمن خوطب بها، لتوفر القرائن الحالية لديه، كحركة يد الإمام عليه السلام، أو ارتفاع حاجبيه ونحو ذلك مما يعرف من خلاله رضا المتكلم أو رفضه لشئ دون آخر، هذا فضلا عن توفر القرائن المقالية الأخرى لدى أصحاب الأئمة (عليهم السلام) أكثر من غيرهم، وهذا بطبيعة الحال