مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٨ - الصفحة ٤٣٩
وأما الواجبات فكانت معروفة متداولة بينهم من حين إسلامهم، يفعلونه في وضوئهم، فلم يحتاجوا إلى بيانها.
ومما يؤكد ذلك، أنهما (1) لم يعينا في الحديثين وأمثالهما، واجب الوضوء من مندوبه، لأن واجباته كانت معروفة عندهم (2).
ولولا ما قلناه، لوجب أن يميزوا الواجب من الندب ليفعل كل واحد على وجهه، وإلا كان (3) هذا البيان إيقاعا لهم في الجهل كما لا يخفى ولهذا لم يقل أحد بوجوب التثليث (4)، والمضمضة ونحوهما (5). فكذلك غسل الرجلين.
إن قلت: لعل من تعلم بيان ذلك الوضوء، علم استحباب الأمور الذكورة من موضع آخر فلهذا (6) لم يميزها عن الواجبات.

(١) أي: عثمان بن عفان، وعبد الله بن زيد، لحكايتهما آنفا وضوء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما تقدم في الحديثين المرقمين (٢) و (٣)، ويحتمل ارجاع الضمير إلى الصحابة والتابعين الواقعين في سند الحديثين بقرينة قوله الآتي: لوجب أن يميزوا.
(٢) إذ لا يعقل عدم معرفتهم بها وهم يرون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، يتوضأ عدة مرات في اليوم الواحد، بما لو جمعت وضوءاته (صلى الله عليه وآله وسلم ابتداء من البعثة المشرفة إلى الوفاة لزادت على أربعين ألف وضوء، هذا مع تقدير خمس وضوءات في اليوم الواحد من أيامه المباركة، فكيف تجهل مثل هذه السنة الفعلية، لولا السياسة الأموية ودعمها للوضوء البدعي الذي ما أنزل الله به من سلطان؟!
(٣) في ر: لكان وهو صحيح أيضا.
(٤) التثليث مستحب عند العامة، وبه قال الشافعي، وأحمد، وأصحاب الرأي.
أنظر: بداية المجتهد ١ / ١٣، وبدائع الصنائع ١ / ٢٢، والمغني ١ / ١٥٩، والمجموع ١ / ٤٣١، وفتح الباري ١ / 209، وعند الشيعة الإمامية مبطل للوضوء.
(5) المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات قبل الوضوء، من المستحبات عند الشيعة الإمامية، وليست واجبة، والظاهر أنها كذلك عند العامة، إذ لم أقف على مصرح بوجوبها، وإن كانوا يواضبون عليها.
(6) في ر: فلماذا، وما في م هو الأنسب.
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»
الفهرست