بل الذي ورد في السنة المطهرة، وعمل وبه جميع العلماء، إسباغ الوضوء (1). وهو: المبالغة في الغسل وتكريره.
(١) في حاشية ر: قال البخاري في صحيحه، في أوائل كتاب الوضوء: قال ابن عمر: إسباغ الوضوء: الانقاء.
حدثنا عبد الله بن سلمة، عن مالك، عن موسى بن عقبة، عن كريب مولى ابن عباس، عن أسامة بن زيد، أنه سمعه يقول: دفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من عرفة، حتى إذا كان بالشعب، نزل فبال ثم توضأ، ولم يسبغ الوضوء. فقلت: الصلاة يا رسول الله، فقال: الصلاة أمامك، فركب، فلما جاء مزدلفة، نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء. فأقيمت الصلاة... إلى آخر الحديث.
وروى مؤلف المشكاة في الفصل الثاني من باب سنن الوضوء، عن لقيط بن صبرة، قال:
قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائما.. الحديث.
قال الشيخ الطيبي: قوله: (أخبرني عن الوضوء). التعريف فيه للعهد الذهني، وهو ما اشتهر بين المسلمين وتعورف عندهم، إن الوضوء ما هو فيكون (كذا) الاستخبار عن أمر زائد على ما عرفه، فلذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (أسبغ الوضوء)، أي: إكماله بإيصال الماء من فوق الغرة إلى تحت الحنك طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا، مع المبالغة في الاستنشاق والمضمضة، هذا في الوجه، وأما في اليدين والرجلين، فإيصال الماء إلى فوق المرافق والكعبين، مع تخليل كل واحد من أصابع اليدين والرجلين، انتهى. منه سلمه الله.
أنظر: صحيح البخاري ١ / ٤٧ باب إسباغ الوضوء.
هذا، وبإزاء العبارة (قال ابن عمر: إسباغ الوضوء: الانقاء) - المذكورة في صدر الحاشية - ورد في حاشية ر ما نصه:
قوله: (الانقاء). قال الشيخ القسطلاني: وكان ابن عمر يغسل رجليه في الوضوء سبع مرات، كما رواه ابن المنذر بسند صحيح، وإنما بالغ فيها دون غيرهما، لكونهما محلا للأوساخ غالبا، لاعتيادهم المشي حفاة.
واستشكل بما تقدم من أن الزيادة على الثلاث ظلم وتعد.
وأجيب: بأنه في من لم ير الثلاث سنة، أما إذا رآها وزاد على أنه من باب الوضوء يكون نورا على نور، انتهى. منه سلمه الله.
أنظر: إرشاد الساري - للقسطلاني - ٢ / ٣١ ٢، كتاب الوضوء، باب إسباغ الوضوء.
وانظر: هامش رقم ٢ وهامش رقم ٤ ص ٣٩١ من هذه الرسالة.