مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٨ - الصفحة ٤٠٣
بالأرجل، ولا بالوضوء، فقد يكون مكروها (1)، وقد يكون حراما كما إذا أدى إلى ضرر (2)، أو ضياع مال (3). بل قد يكون الإسباغ (4) المستحب، بل الوضوء الواجب حراما، كما إذا احتيج إلى الماء لحفظ نفس محترم (5).
وهذه أمور مقررة بين أهل الإسلام، مؤيدة بحكم العقل (6)، كما أشار إليها ابن همام الحنفي (7) في شرح الهداية، قبيل فصل نواقض

(١) مثل الاسراف في الأكل والشرب على مائدة الافطار في ليالي شهر رمضان!
(٢) مثل الاسراف في العقوبة، قال تعالى في سورة البقرة، (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فالزيادة على المثل اعتداء محرم بقوله تعالى في سورة البقرة أيضا:
(ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين).
(٣) كالإسراف في أموال القاصرين من قبل القيم عليهم، بحيث يتجاوز الحد المشروع.
(٤) المراد بالإسباغ هو إتمام الوضوء وإكماله، قال ابن حجر في إرشاد الساري ١ / ٢٣١: وقال في المصابيح: والمعروف في اللغة، إن إسباغ الوضوء إتمامه، وإكماله، والمبالغة فيه. وعرفه الشافعية بأنه: كمال إتمام الوضوء وتوفيته.
أنظر: الموسوعة الفقهية الكويتية ٣ / ١٤٢ مادة إسباغ.
وفي صحيح البخاري ١ / ٤٧، باب إسباغ الوضوء: قال ابن عمر: إسباغ الوضوء الانقاء، وهو من تفسير الشئ بلازمه، إذ الاتمام يستلزم الانقاء عادة، كما في إرشاد الساري ١ / ٢٣.
وقد عرفه المصنف (عدس سره) في ص ٤٠٥ من هذه الرسالة بأنه: مبالغة في الغسل وتكريره.
(٥) كما لو دار الأمر في نفاد الماء الموجود في الصحراء مثلا، بين الشرب - مع الضمأ الشديد - وبين الوضوء به لأجل الصلاة، ففي هذا الفرض يحرم الوضوء بلا خلاف.
(٦) لأن احتمال الضرر في شئ ما يلزم العاقل تجنبه، إذا ما استحق صاحبه اللائمة لو أقدم عليه، أخذا بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل، والوضوء إذا ما احتمل الضرر فيه، يدفع بالتيمم.
(٧) هو كمال الدين محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السيواسي الإسكندري، المعروف بابن همام، حنفي المذهب، ولد سنة ٧٩٠ ه‍، له: فتح القدير في شرح الهداية في الفقه، والتحرير في الأصول وغيرهما، مات بالقاهرة سنة 861 ه‍.
الضوء اللامع 8 / 127 رقم 301 من المجلد الرابع، بغية الوعاة 1 / 166 - 169 رقم 290، شذرات الذهب 7 / 297، هدية العارفين 6 / 201.
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»
الفهرست