مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٨ - الصفحة ٣٨٨
والأرجل كثيرا ما تغسل بالأخير، كالخوض في النهر والحوض، وباقي الأعضاء قد تغسل بالصب (1) من آنية، وقد تغسل (2) بالصب (3) في اليد، أو الاغتراف بها ثم الصب على العضو.
وبالجملة، إن ذلك لا انضباط له، لاختلافه باختلاف البلاد وأهاليها.
ففي البلاد الكثيرة الماء المتخذ أهلها في بيوتهم الحياض والأنهار، كالشام، والعراقين (4)، وآذربيجان، وفارس، وكرمان، وخراسان وما شاكلها، ففي الأكثر يكون غالب (5) فعل أهلها غسل الأرجل بالغمس في ما (6) بين أيديهم من الحياض والأنهار.
وفي البلاد القليلة الماء - وهي الأقل - يكون الغالب على أهلها غسل الأرجل بالصب من آنية.
وأما ما ظن (7) من " أن غسل الأرجل (8) مظنة الاسراف (9) ".
فإن أراد به: أنه مظنة التكرار والمبالغة باستعمال ما يبلغ مقدار مد من الماء (10)، فهو ليس بإسراف شرعا، بل هو مستحب، كما رووه عن

(١) في ر: في الصب.
(٢) في م: يغسل.
(٣) بالصب: لم ترد في م.
(٤) المرد بالعراقين هما: البصرة والكوفة.
(٥) في م: الغالب.
(٦) في م: ماء بدلا عن ما.
(٧) في م: ما يظن.
(٨) في م: الرجل وما في ر موافق للمصدر.
(٩) هذا من كلام الزمخشري في الكشاف ١ / ٥٩٧ وقد تقدم في ص ٣٧٦.
(١٠) في هذا الموضع من ر حاشيتا وهما:
الأولى قال بعض الحنفية في كتابه المسمى ب‍ (كنز العباد في شرح الأوراد) ما هذه عبارته:
في الطحاوي: ثم قدر الماء على السنة، في باب الوضوء: مد من الماء، والصاع في الجنابة، لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إنه كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع.
تكلموا فيه، فقال بعضهم: معنى قوله: (يتوضأ بالمد)، أي: بالمد من الصاع، ثم يغتسل بثلاثة أمداد، فيكون جملة أربعة أمداد.
وقال بعضهم: (يتوضأ بالمد) من غير الصاع، ثم يغتسل بالصاع، فيكون جملة خمسة أمداد.
وهذا كله ليس بتقدير لازم حتى لو توضأ أو اغتسل بأكثر من ذلك ولم يسرف فلا بأس، وإنما الكراهية في الاسراف. وكذلك لو توضأ أو اغتسل. وينقص عند الحاجة وعدمها، انتهى.
منه سلمه الله.
والرواية التي أشار لها الطحاوي - كما في هذه الحاشية - تجدها في صحيح مسلم ١ / ٢٥٨ ح ٥١، وسنن الترمذي ١ / ٨٥ ح ٥٦، وسنن البيهقي ٤ / ١٧٢، وسنن الدارقطني ٢ / ١٥٤ ح ٧٣.
الثانية: وفي حاشية ذلك الكتاب (أي: كتاب كنز العباد في شرح الأوراد المتقدم ذكره في الحاشية الأولى):
المد رطل، وثلاثة عند أهل الحجاز، ورطلان عند أهل العراق.
والمد: مكيال معلوم، وهو ربع الصاع.
وفيها أيضا: الصاع پيمانه چهار مني، (أي: الصاع: مكيال يزن أربعة أمنان).
وفي أصل الكتاب: بدانكه يك دويست وپنجاه وهفت درهم وسبع درهم است (أي:
إعلم، أن المد الواحد مئتان وسبعة وخمسون درهما وسبع الدرهم). انتهت الحاشية الثانية.
أقول: إن بعض ما مذكور من تحديد لوزن الصاع غير صحيح، وبعضه غير موافق لرأي علمائنا رضي الله تعالى عنهم، وإليك التفصيل.
أما الصاع، فهو ستمائة وأربعة عشر مثقالا صيرفيا وربع مثقال.
وبحسب حقة النجف الأشرف يكون نصف حقة، ونصف أوقية، وواحدا وثلاثين مثقالا إلا مقدار حمصتين.
وبحسب حقة (الاسلامبول) يكون حقتين، وثلاثة أرباع الوقية، ومثقالين إلا ربع مثقال.
وبحسب (المن الشاهي) - وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالا - يكون نصف من إلا خمسة وعشرين مثقالا، وثلاثة أرباع المثقال.
وبحسب (الكيلو غرام) يكون ثلاثة (كيلو غرامات) تقريبا.
وبحسب المد: أربعة أمداد.
أنظر: منهاج الصالحين للسيد الخوئي (قدس سره) المسألة ١١٧٨ من العبادات، ومنهاج الصالحين للسيد السيستاني المسألة ١١٧٨ من العبادات.
أما بالنسبة إلى المد: فهو ربع الصاع، المد: رطلان وربع بالعراقي، وقدره مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف الدرهم.
والدرهم: ستة دوانق.
والدانق: ثماني حبات من أوسط حبات الشعير.
وعليه يكون قدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي، وستة بالمدني عند علمائنا كما صرح بذلك العلامة في تذكرة الفقهاء ٥ / ٣٨٨ مسألة ٢٩٤.
وقد أخرج الكليني في الكافي ٤ / ١٧٢ ح ٩ باب ٧٥، والصدوق في الفقيه ٢ / ١١٥ ح ٩٤٣، والشيخ في التهذيب ٤ / ٨٣ - ٨٤ ح ٢٤٣، والاستبصار ٢ / ٤٩ ح ١٦٣، والشيخ الحر في وسائل الشيعة ٩ / ٣٤٠ ح ٢١٧٩، باب (٧) من أبواب الزكاة. عن جعفر بن إبراهيم ابن محمد الهمداني، إنه كتب إلى الإمام العسكري (عليه السلام) باختلافهم في الصاع؟
فكتب (عليه السلام): الصاع ستة (في بعض النسخ: بستة) أرطال بالمدني، وتسعة أرطال بالعراقي.
وقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الصاع ثمانية أرطال، وأن المد رطلان، كما في شرح معاني الآثار - للطحاوي - ٢ / ٥٠.
أما الصاع عند الشافعي، فهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، وهو قول مالك، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي يوسف، كما في حلية العلماء ٣ / ١٢٩، وبدائع الصنائع ٢ / ٧٣، والمغني ٢ / ٦٥٧، والمجموع ٦ / ١٤٣، وقد أشار إلى ذلك العلامة في تذكرة الفقهاء ٥ / ٣٨٨ - ٣٨٩ مسألة ٢٩٤، وفي مقدار الصاع والمد الشرعيين بحث مفصل في كتاب الأوزان والمقادير - للبياضي - 67 و 118، فراجع.
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 390 391 392 394 395 ... » »»
الفهرست