القيادة، وواجب الإمامة من أجل أخلاقهم المؤذية.
وكذلك الواجب الذي ألقي على عاتق الإمام الحسين عليه السلام بدعوة أهل العراق، وأهل الكوفة بالخروج إليهم والقيام بقيادة أمرهم وهدايتهم إلى الإسلام، لم يتأد إلا بالخروج، ولم يسقط هذا الواجب بمجرد احتمال العصيان غير المتحقق، في ظاهر الأمر، فكيف يرفع اليد عنه، وما هو عذره عن الحجة التي تمت عليه بدعوتهم؟! ولم يبد منهم نكث وغدر به؟! فلا بد أن يمضي الإمام في طريق أداء واجبه، حتى تكون له الحجة عليهم، إذا خانوا وغدروا، كما حدث في كربلاء، ولو كان على حساب وجوده الشريف) (34).
وقلت فيه أيضا:
(وغريب أمر أولئك الذين ينظرون إلى الموقف من زاوية المظاهر الحاضرة، ويحذفون من حساباتهم الأمور غير المنظورة، ويريدون أن يحاسبوا حركة الإمام وخروجه، على أساس أنه إمام عالم بالمصير، بل لا بد أن يعرف كل شئ من خلال الغيب! فيكف يقدم على ما أقدم، وهو عالم بكل ما يصير؟!
والغرابة في أن الإمام الحسين عليه السلام لو عمل طبقا لما يعلمه من الغيب، لعاب عليه كل من يسمع بالأخبار، ويقرأ التاريخ: أنه ترك دعوة الأمة المتظاهرة بالولاء له، من خلال آلاف الكتب والعهود - والواصلة إليه بواسطة أمناء القوم ورؤسائهم - استنادا إلى احتمالات الخيانة والتخاذل، التي لم تظهر بوادرها إلا بالتخمين، حسب ماضي هذه الجماعة وأخلاقهم.
فلو علم الإمام بعلمه بالغيب، الذي لم يؤمن به كثير من الناس في عصره ومن بعده، ولم يسلمه له غير مجموعة قليلة من شيعته، وأطاع أولئك الناصحين له بعده الخروج، لكان مطيعا لمن لم تجب عليه طاعتهم، وتاركا