مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٧ - الصفحة ٤٩
ذلك لطف في مقامه إلى حال معينة، ولطف لبقاء كثير من شيعته وأهله وولده، ورفع لفساد في الدين هو أعظم من الفساد الذي حصل عند هدنته.
وكان عليه السلام أعلم بما صنع، لما ذكرناه وبينا الوجه فيه وفصلناه (25).
والمستفاد من مجموع السؤال والجواب:
إن الظاهر من السؤال، هو ما أكد المفيد على نفيه وهو دعوى (علم الأئمة للغيب بلا واسطة).
وهذا أمر لم تقل به الشيعة فضلا عن أن تجمع عليه، لما قد ذكرنا في صدر هذه المقالة - من أن (علم الغيب بهذه الصورة) خاص بالله تعالى، ومستحيل أن يكون لغيره من الممكنات.
والممكن علمه من الغيب بالنسبة إلى النبي والأئمة عليهم السلام هو الغيب بواسطة الوحي والإلهام من الله تعالى، وهذا لم ينفه المفيد.
والمجمع عليه - من هذا - بين الشيعة: أن الأئمة عليهم السلام يعلمون جميع الأحكام الشرعية بلا استثناء، لارتباط ذلك بمقامهم في الخلافة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، كما أثبت ذلك في علم الكلام.
وأما غير الأحكام، فالظاهر من المفيد أنه وضع ذلك في دائرة الإمكان ووقفه على ورود الخبر والأثر به، فما قامت عليه الآثار قبل والتزم به، وليس أصله مستحيلا عقلا ولا ممتنعا من جهة آية أو سنة، أو عقل.
وهكذا قال في موضع (علم الأئمة بمقاتلهم وما جرى عليهم):
فالتزم بعلم أمير المؤمنين عليه السلام بالمقدار الذي جاءت به الأخبار،

(٢٥) المسائل العكبرية، المسألة العشرون: 29 - 72 من المطبوعة مع مصنفات الشيخ المفيد، المجلد السادس، وقد وقع في المطبوعة تصحيفات صححناها من الهوامش، وأخرى من غيرها.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست