مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٧ - الصفحة ٣٨
وإنما المطلوب الأساسي منها هو القناعة والالتزام القلبي واليقين، وليس شئ من ذلك يحصل بالخبر الواحد حتى لو صح سنده، وقيل بحجيته واعتباره، لأنه على هذا التقدير لا يفيد العلم، وإنما يعتبر للعمل فقط.
نعم، إن حاجة العلماء إلى نقل ما روي من الأحاديث في أبواب الأصول الاعتقادية، لمجرد الاسترشاد بها، والوقوف من خلالها على أساليب الاستدلال والطرق القويمة المحكمة التي يتبعها أئمة أهل البيت عليهم السلام في الاقناع والتدليل على تلك الأصول.
ولا يفرق في مثل هذا أن يكون الحديث المحتوي عليه صحيح السند أو ضعيفة، ما دام المحتوى وافيا بهذا الغرض وموصلا إلى الاقناع الفكري بالمضمون.
وليس التشكيك في سند الحديث المحتوي على الاقناع مؤثرا لرفع القناعة بما احتواه من الدليل.
وكذا الموضوعات الخارجة، كالتواريخ وسني الأعمار وأخبار السيرة، ليس فيها شئ يتعبد به حتى تأتي فيه المناقشة السندية، وإنما هي أمور ممكنة، يكفي في الالتزام بها ونفي احتمال غيرها ورود الخبر به.
فلو لم يمنع من الالتزام بمحتوى الخبر الوارد أصل محكم، أو فرع ملتزم، ولم تترتب على الالتزام به مخالفة واضحة، أو لم تقم على خلافه أدلة معارضة، كفى الخبر الواحد في احتماله لكونه ممكنا.
وإذا غلب على الظن وقوعه باعتبار كثرة ورود الأخبار به، أو توافرها، أو صدور مثل ذلك الخبر من أهله الخاصين بعلمه، أو ما يماثل ذلك من القرائن والمناسبات المقارنة، كفى ذلك مقنعا للالتزام به.
وبما أن موضوع قسم الأصول من الكافي، وخاصة الباب الذي أورد فيه الأحاديث الدالة على (علم الأئمة عليهم السلام بوقت موتهم وأن لهم الاختيار في ذلك) هو موضوع خارج عن مجال الأحكام والتعبد بها وليس الالتزام به
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست