مقتول، وجاء أيضا بأنه كان يعلم قاتله على التفصيل.
فأما علمه بوقت قتله، فلم يأت فيه أثر على التفصيل، ولو جاء فيه أثر لم يلزم ما ظنه المستضعفون، إذ كان لا يمتنع أن يتعبده الله بالصبر على الشهادة والاستسلام للقتل، ليبلغه الله بذلك علو الدرجة ما لا يبلغه إلا به. ولعلمه تعالى بأنه يطيعه - في ذلك - طاعة، لو كلفها سواه لم يؤدها، ويكون - في المعلوم من اللطف بهذا التكليف لخلق من الناس - ما لا يقوم مقامه غيره.
فلا يكون أمير المؤمنين عليه السلام ملقيا بيده إلى التهلكة، ولا معينا على نفسه معونة مستقبحة في العقول.
فصل (3): فأما علم الحسين عليه السلام بأن أهل الكوفة خاذلوه:
فلسنا نقطع على ذلك، إذ لا حجة عليه من عقل ولا سمع.
ولو كان عالما بذلك، لكان الجواب عنه ما قدمناه في الجواب عن علم أمير المؤمنين عليه السلام بوقت قتله، والمعرفة بقاتله، كما ذكرناه.
فصل (4): أما دعواه علينا: أنا نقول: إن الحسين عليه السلام كان عالما بموضع الماء، وقادرا عليه.
فلسنا نقول ذلك، ولا جاء به خبر على حال، وظاهر الحال التي كان عليها الحسين عليه السلام في طلب الماء والاجتهاد فيه يقضي بخلاف ذلك.
ولو ثبت أنه كان عالما بموضع الماء، لم يمتنع في العقول أن يكون متعبدا بترك السعي في طلب الماء من ذلك الموضع، ومتعبدا بالتماسه من حيث كان ممنوعا عنه، حسب ما ذكرناه في أمير المؤمنين عليه السلام، غير أن الظاهر خلاف ذلك، على ما قدمناه.
فصل (5): والكلام في علم الحسن عليه السلام بعاقبة حال موادعته معاوية، بخلاف ما تقدم، وقد جاء الخبر بعلمه ذلك، وكان شاهد الحال يقضي به.
غير أنه دفع به عن تعجيل قتله، وتسليم أصحابه إلى معاوية وكان فيه