الإمام، وعدم الاعتراض على أصل فرض علم الغيب، دليل على قبول هذا الفرض، وعدم ثبوت الاعتراض الأول.
السادس: قول الإمام عليه السلام في الجواب: (لكنه خير) صريح في أن الإمام السلام أعطي الخيرة من أمر موته، فأختار القتل لتجري الأمور على مقاديرها المعينة في الغيب، وليكون أدل على مطاوعته لإرادة الله وانقياده لتقديره.
وهذا أوضح المعاني، وأنسبها بعنوان الباب.
وعلى نسخة (حين) التي ذكرها المجلسي، فالمعنى أن القتل قد عين حينه ووقته، لمقادير قدر الله أن تمضي وتتحقق، فتكون دلالة الحديث على ما في العنوان من مجرد ثبوت علم الإمام بوقت قتله وإقدامه، وعدم امتناعه وعدم دفعه عن نفسه، وذلك يتضمن أن الإمام وافق التقدير وجرى على وفقه.
وأما نسخة (حير) فلا معنى لها، لأن تحير الإمام ليس له دخل في توجيه إقدامه على القتل عالما به، بل ذلك مناقض لهذا الفرض، مع أنه لا يناسب عنوان الباب.
فيكون احتمالها مرفوضا.
ولعلها مصحفة عن (خبر) بمعنى أعلم، فيكون الجريان على التقدير وإمضائه تعليلا لإخبار الإمام وإعلامه، لكنه لا يخلو من تأمل.
فالأولى بالمعنى، والأنسب بالعنوان: هو (خير) كما أوضحنا.
فدلالة الحديث على ثبوت علم الإمام بوقت موته، واختياره في ذلك واضحة جدا.
والجواب عن الاعتراض بالإلقاء في التهلكة: هو أن الإمام إنما اختار الموت والقتل بالكيفية التي جرى عليها التقدير، حتى يكشف عن منتهى طاعته لله وانقياده لإرادته وحبه له وفنائه فيه وعشقه له ورغبته في لقائه، كما نقل عنهم قولهم عليهم السلام: (رضا لرضاك، تسليما لأمرك، لا معبود سواك).