مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٧ - الصفحة ٤٢
فإذا كان الأئمة عليهم السلام يعلمون أن مصيرهم - مع هؤلاء - هو الموت، ويعرفون أن الظلمة يكيدون لهم المكائد، ويتربصون بهم الدوائر، ويدبرون لقتلهم والتخلص من وجودهم، ويسعون في أن ينفذوا جرائمهم في السر والخفاء، لئلا يتحملوا مسؤولية ذلك، ولا يحاسبوا عليه أمام التاريخ!
ولو تم لهم إبادة هؤلاء الأئمة سرا وبالطريقة التي يرغبون فيها، لكان أنفع لهم، وأنجع لأغراضهم!
لكن الأئمة عليهم السلام لا بد أن يحبطوا هذه المكيدة على الظلمة القتلة، يأخذوا بأيديهم زمام المبادرة في هذا المجال المهم الخطر، ويختاروا بأنفسهم أفضل أشكال الموت، الذي يعلن مظلوميتهم، ويصرخ بظلاماتهم، ويفضح قاتليهم، ويعلن عن الإجرام والكيد الذي جرى عليهم، ولا تضيع نفوسهم البريئة، ولا دماؤهم الطاهرة، هدرا.
فلو كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقتل في بيته، أو في بعض الأزقة والطرق، خارج المسجد.
فمن كان يفند الدعايات الكاذبة التي بثها بنو أمية بين أهل الشام بأن عليا عليه السلام لا يصلي؟! فلما سمعوا أنه قتل في المسجد، تنبهوا إلى زيف تلك الدعايات المضللة.
وإذا كان الإمام الحسين عليه السلام، يقتل في المدينة، فمن كان يطلع عليه قضيته؟! وحتى إذا كان يقتل في (مكة): فمضافا إلى أنه كان يعاب عليه أن حرمة الحرم قد هتكت بقتله! فقد كان يضيع دمه بين صخب الحجيج وضجيجهم!
بل إذا قتل الحسين عليه السلام في أرض غير كربلاء، فأين؟!
وكيف؟! وما هو: تفسير كل النصوص التي تناقلتها الصحف، والأخبار عن جده النبي المختار حول الفرات؟ وكربلاء؟ وتربتها الحمراء؟!
وهذا الاختيار يدل - مضافا إلى كل المعاني العرفانية التي نستعرضها -
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست