في سبيل الله، وعلى طريق الرسالة والإمامة، ومن أجل إعلاء كلمة الله، والدفاع عن الحق، ودحر الباطل، فليس الاستدلال بقوله تعالى: (قل لا أملك لنفي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن إنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) الآية (188) من سورة الأعراف (7) وهي مكية.
ليس الاستدلال بهذه الآية على نفي علم الغيب عن الرسول، وإثبات أن السوء يمسه فهو لا يعلم به، استدلالا صحيحا.
لفرض أن ما أصاب الرسول - وكذا الأئمة - في مجال الدعوة والرسالة الإسلامية وأداء المهام الدينية، لا يعبر عنه بالسوء، كما أوضحناه.
وأما معنى الآية المراد منها:
فيما أن (لو) حرف امتناع لامتناع، فهي تدل على أن امتناع كونه عالما، بالغيب أدى إلى امتناع استكثاره من الخير، وامتناع أن لم يمسه السوء، وذلك قبل اتصال الوحي به.
فغاية ما يدل عليه ظاهر الآية أنه كان بالإمكان أن يمسه السوء، ولم تدل الآية على أنه فعلا - وبعد نزول الوحي، وفي المستقبل - لم يعلم الغيب، ولم يستكثر من الخير، وسوف يمسه السوء.
فظاهر الآية أن الامتناعين كانا في الماضي، لكون الأفعال مستعملة بصيغة الماضي، وهي: (كنت) (واستكثرت) و (ما مسني).
فهو تعبير عن إمكان ذلك في الماضي لعدم علمه بالغيب سابقا، لا على وقوع ذلك، ولا على عدم علمه به مستقبلا أو امتناع حصول الغيب له في المستقبل وبعد اتصاله بالوحي، فلا ينافي ذلك أن يكون في المستقبل (يعلم بالغيب) - من خلال الوحي طبعا - وأنه (يستكثر من الخير) وأنه (لا يمسه السوء).