ابن عباس لحكاه عنه من دون أن يسنده إلى ظنه، فهذه أمارة أخرى على أن التعجيل والتأخير لم يحكيا من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما احتمله بعضهم توهما.
فبان بذلك أن ليس نسبة حديث أبي الشعثاء إلى سائر أحاديث الباب نسبة المقيد إلى المطلق، خلافا لما زعمه المغربي - على ما حكاه عنه الصنعاني في (سبل الإسلام) (67) -.
الثاني: ما أخرجه مالك في الموطأ والبخاري وأبو داود والنسائي، عن ابن مسعود، قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين، جمع المغرب والعشاء بالمزدلفة، وصلى الفجر يومئذ قبل وقتها.
فنفى ابن مسعود مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة، مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة (68)، وهو يدل على أن الجمع الواقع بالمدينة صوري، ولو كان جمعا حقيقيا لتعارضت روايتاه، والجمع ما أمكن المصير إليه هو الواجب، كذا قرره الشوكاني في (نيل الأوطار) (69).
والجواب: أن حديث ابن مسعود لا يؤخذ به، لحصره الجمع في جمع المزدلفة، وهذا مما لا يلتزم به الخصم فضلا عن غيره، وكأنه ما اطلع على جمع عرفة ولا على جمع السفر - كما قال السندي الحنفي في حاشية النسائي (70).
وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (71): هو متروك الظاهر