مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١٠٨
انتهى.
الثاني: أن الجمع بين الصلاتين من الرخصة العامة لجميع الناس عامهم وخاصهم، ومعرفة أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلا عن العامة، وإذا كان كذلك كان في اعتبار الساعات على الوجه الذي ذهبوا إليه مما يبطل أن تكون هذه الرخصة عامة على ما فيه من المشقة المترتبة على تفريق الصلوات في أوقاتها المؤقتة - كما قال الخطابي في معالم السنن (80) -.
وتعقبه الشوكاني في (نيل الأوطار) (81) بأن الشارع قد عرف أمته أوائل الأوقات وأواخرها، وبالغ في التعريف والبيان، حتى أنه عينها بعلامات حسية لا تكاد تلتبس على العامة فضلا عن الخاصة، والتخفيف في تأخير إحدى الصلاتين إلى آخر وقتها وفعل الأولى في أول وقتها متحقق بالنسبة إلى فعل كل واحدة منهما في أول وقتها.
قال: وبهذا يندفع ما قاله الحافظ في الفتح: إن قوله صلى الله عليه وآله وسلم (لئلا تحرج أمتي) يقدح في حمله على الجمع الصوري، لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج. انتهى.
قلت: لا يخفى أن تعقب الشوكاني مكابرة ظاهرة، إذ أن تأخير الأولى إلى آخر وقتها لتجمع مع الثانية في أول وقتها مما لا يكاد ينفك عن المشقة غالبا، بل قد يشتد العذر عند التأخير إذا كان الجمع لأجله، فيكون ذلك من أظهر مصاديق الحرج الذي شرع الجمع لنفيه.
والذي يستفاد من كلام الخطابي - بعد التدبر فيه - أن إدراك أوائل الأوقات وأواخرها على نحو الحقيقة والدقة أو قريبا من ذلك متعسر جدا إن لم يكن متعذرا، ولا يعلم إلا بعد مضي مدة لا سيما إذا كان تعيين ذلك بمثل

(٨٠) معالم السنن ٢ / ٥٢ ح ١١٦٣، عون المعبود ١ / ٤٦٨.
(٨١) نيل الأوطار ٣ / 247.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست