علة هذا الجمع - قال: (لئلا يحرج أمته).
وهذا التأويل ذكره الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الحنبلي في حاشية فتح الباري بشرح صحيح البخاري (60) وقال متبجحا: وهو جواب عظيم، سديد شاف. انتهى.
نعوذ بالله من العجب والغرور!
الجواب: أن الأمر لو كان كذلك لكان ينبغي لابن عباس - رضوان الله عليه - وبيان تلك العلة والتنبيه عليها، لاشتمالها على سبب الجمع فيقتصر عليها، لأن في الاطلاق إغراء بتوهم العموم وعدم التقيد في الحكم إذا كان غير مراد، ولزوم ذلك لا يخفى على من له أدنى بصيرة فضلا عن حبر الأمة وابن عم نبيها صلى الله عليه وآله وسلم.
لكنه - رضوان الله عليه - أخبر بجمعه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله من دون ذكر موجبه وسببه، وكذا غيره من الصحابة ممن روى حديث جمعه عليه وآله الصلاة والسلام بالمدينة.
فإطلاق كلام ابن عباس وغيره ممن روى حديث الجمع يقتضي أنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين من دون عذر مطلقا، وهو حجة لا مجد عنها.
ويشهد لذلك تصديق أبي هريرة له في إخباره بجمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من دون ذكر علته، وكذا فعل ابن عباس، إذ لم يكن جمعه لمرض غالب أو برد شديد أو حل ونحو ذلك، بل كان لمجرد الخطبة.
على أنه لا إشارة في الحديث إلى أن تحقق الجمع منه عليه وآله الصلاة والسلام كان لمشقة عارضة ذلك اليوم، وما ذلك إلا تخرصا ومجازفة ورجما بالغيب.