مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١٠٠
بالمسجد النبوي الشريف دون سائر المساجد حتى يرتفع الحرج بتشريع الجمع فيه؟! وأي تعلق لفضل البقعة بالجمع؟! ولو كان كذلك لكان المسجد الحرام أولى بذلك!
ورده العلامة المحقق الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الحسني الغماري المغربي من وجه آخر فقال (62): يكفي في إبطاله أن دعوى الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، وأن مثل هذه الدعوى لا يعجز عنها أحد في كل شئ أراد نفيه من أنواع التشريعات، فأي فرق بين ادعاء الخصوصية في الجمع بين الصلاتين وادعائها في الجماعة مثلا، وأنها خاصة بمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفضله؟! وكذلك في الجمعة وأنها خاصة بمسجده وبزمانه واستماع خطبته وكلامه؟! وما عدا مسجده وزمانه فلا تشرع جمعة ولا جماعة، وهكذا سائر أفعاله التي قام الدليل على وجوب التأسي به فيها أو استحبابه، ولأنه يجوز ادعاء الخصوصية به أو بمكانه أو زمانه إلا بدليل يدل على ذلك، فيكف وقد جمع بعرفة، ومزدلفة، ومنى، وتبوك، وكثير من البقاع في أسفاره وغزواته؟! وجمع بعده أصحابه في أسفارهم وأوقات ضروراتهم، فهو دليل قاطع على بطلان هذا التأويل. انتهى.
السابع: أن الجمع المذكور صوري! وهو الذي اعتمده الحنفية في تأويل أحاديث الجمع، وما إليه بعض أهل العلم ممن سواهم (63).
وقد أبطله المحقق ابن الصديق في رسالته (إزالة الخطر عمن جمع بين الصلاتين في الحضر) من عشرين وجها، فراجع إن شئت.

(62) إزالة الخطر: 111.
(63) ونصره الطحاوي في (شرح معاني الآثار) بما فيه تكلف وتعسف يتحاشى عن مثله أهل العلم على قاعدته في نصر مذهب أبي حنيفة، وأختار هذه القول أيضا ابن الماجشون والمازري وعياض والقرطبي وإمام الحرمين وابن سيد الناس والحافظ في الفتح مع اعترافه بضعف دليله ومسنده كما في (إزالة الخطر): 91.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست