مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١٠٢
وإذا أحطت خبرا بما ذكرناه فاعلم أنهم قد احتجوا لتعين حمل أحاديث الباب على الجمع الصوري بوجوه:
الأول: ما أخرجه النسائي عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال:
صليت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء.
قال الشوكاني في (نيل الأوطار) (65): فهذا ابن عباس راوي الحديث قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري. انتهى.
قلت: قد ذهل الشوكاني عن أن التأخير والتعجيل المذكورين في هذا الحديث إنما هو من كلام الراوي عن ابن عباس، أعني أبا الشعثاء جابر بن زيد، فالحديث مدرج، أدرج فيه أبو الشعثاء تلك الزيادة بحيث يظن أنها من كلام ابن عباس - رضوان الله تعالى عليه -، وهذا تدليس منكر، ولو تفطن الشوكاني لذلك لأحجم عن الاحتجاج به لما اختاره ونافح عنه.
ويشهد لما ذكرنا ما أخرجه الشيخان في صحيحهما عن عمرو بن دينار، أنه قال - بعد ما حدثه أبو الشعثاء بحديث الجمع -: يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال أبو الشعثاء: وأنا أظن ذلك.
ثم وقفت على قول ابن شاكر في تعليقه على مسند أحمد (66): إن هذا الجمع الصوري من تأويل أبي الشعثاء ولا حجة فيه. انتهى.
وهو متين، فلا ينبغي بعد هذا أن يكون في النفس شئ مما ذكرنا.
وظن ذينك لا عبرة به في نفسه، فكيف إذا خالف صريح السنن (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) ولو كان سمعه من

(٦٥) نيل الأوطار ٣ / ٢٤٦.
(٦٦) تعليق ابن شاكر على مسند أحمد ٣ / ٢٨٠ ح ١٩١٨، ط. دار المعارف بمصر.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست