مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١٠٤
بالإجماع في صلاتي الظهر والعصر بعرفات. انتهى.
هذا، مع أن حديث ابن عباس وغيره، بل حديث ابن مسعود نفسه في الجمع بالمدينة حجة عليه، فلا يصح بوجه - فضلا عن أن يتعين - حمله على الجمع الصوري بتوهم أنه قرينة معينة للمراد من الجمع هنا، إذ هو كسائر أحاديث الباب في ظهوره في الجمع الحقيقي وعدم إبائه الحمل عليه.
وما ذكره من نفيه مطلق الجمع وحصره في جمع المزدلفة - على تقدير الأخذ به، وقد عرفت ما فيه - مفهوم، وقد عارضه منطوق فيقدم عليه، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بجواز الجمع، والله تعالى أعلم.
هذا، وما في (مرقاة المفاتيح) (72) - نقلا عن ابن الهمام الحنفي - من أنه على تقدير التنزل في ثبوت المعارض، يترجح حديث ابن مسعود بزيادة فقه الراوي، وبأنه أحفظ، مردود بأنه لا تعارض بين حديث ابن مسعود في جمع المزدلفة وبين أحاديث الجمع في الحضر، لأنه فرع التكافؤ ولا تكافؤ.
ولو سلمناه، فإن حديث الجمع بالمدينة مروي عن حبر الأمة ابن عباس - رضوان الله عليه - وثلة من الصحابة - كما مر - وهو أفقه وأحفظ من ابن مسعود قولا واحدا، لا سيما وقد اقترن فعله بقوله، وحسبك تقرير أبي هريرة وتصديقه له عاضدا ومرجحا، فضلا عما رواه هو أيضا من الجمع بالمدينة كما تقدم عن مسند البزار، فالترجيح في هذا الجانب دون ذاك.
مضافا إلى أن ابن مسعود أيضا روى حديث الجمع بالمدينة - كما عرفت فترجيح أحاديث الجمع بالمدينة متعين بلا شبهة ولا ريب، والله المستعان.
ولو فرض العموم في أحاديث المواقيت، فإن فعل الصحابي العادل العالم بخلاف العموم بعد العلم به مخصص عند الحنفية والحنابلة - كما صرح

(72) مرقاة المفاتيح 2 / 199.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست