مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ٨٨
وبه يظهر ما في دعوى الترمذي والشيخ تقي الدين السبكي الشافعي (31) إجماع أهل العلم على ترك العمل بحديث ابن عباس، فإنها دعوى باطلة مردودة بعدم ثبوت الاجماع، فقد قال به ابن عباس وعمل به، ووافقه أبو هريرة، وذهب إليه جماعة من الفقهاء - كما سيأتي إن شاء الله تعالى - وعليه انعقد إجماع الإمامية.
وقال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم (32): وأما حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به، بل لهم أقوال. انتهى.
وقال الآلوسي في تفسيره (33) - في رد كلام الترمذي -: إنه ناشئ من عدم التتبع.
وليت شعري لم تركوا العمل به مع أنه من الأحاديث الصحيحة والنصوص الصريحة في الباب؟! وأي وزن يقام لإجماعهم - على تقدير ثبوته، وقد عرفت ما فيه - في مقابل النصوص المستفيضة؟!
فلا محيد من الاذعان بها والبخوع لها، والله المستعان.
ومنه يعلم أيضا ما في قول القاضي شرف الدين الحسين بن محمد المغربي في (البدر التمام في شرح بلوغ المرام) (34): إن حديث ابن عباس عند مسلم (أنه صلى الله عليه وآله وسلم جمع الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته) لا يصح الاحتجاج به، لأنه غير معين لجمع التقديم والتأخير

(٣١) سنن الترمذي - كتاب العلل - ٥ / ٧٣٦، وكلام السبكي تجده في صفحة ٢٢ من رسالة الاجتماع والافتراق المطبوع مع رسالتين أخريين في مجموعة بعنوان: (الدرة المضيئة).
(٣٢) شرح صحيح مسلم ٣ / ٤١٠.
(٣٣) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ١٥ / ١٣٤.
(٣٤) كما حكاه عنه الأمير الصنعاني في سبل السلام ٢ / 43، والشيخ صديق بن حسن القنوجي البخاري في فتح العلام 1 / 195.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست