مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١١٧
* منها: أن السنة ثابتة صريحة في بيان أوقات الصلوات، وقد تواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم محافظته على أوقاتها، حتى قال ابن مسعود:
ما رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين:
جمع بين المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها - كما في فتح العلام (96).
قلت: جواب هذا علم مما مر، ونزيده هنا إيضاحا فنقول - وبالله تعالى التوفيق -:
إن بيان السنة محمول على الاستحباب والفضيلة، ومواظبته صلى الله عليه وآله وسلم على التفريق في غالب الأحوال لا يدل على الوجوب، لأنه قد تقرر في محله أن فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا جهل وجهه حمل على الندب عند الشافعي والإباحة عند أكثر الحنفية، هذا مع أنه عليه وآله الصلاة والسلام داوم على مندوبات فلم يلزم من ذلك وجوبها.
قال الأنصاري في (فواتح الرحموت) (97): مداومته صلى الله عليه وآله وسلم على فعل لا يدل على الوجوب، كيف لا؟! وإن الجماعة سنة مؤكدة مع أنه لم يتركها أصلا، وكذا الأذان والإقامة، والخطبة الثانية في الجمعة، والاعتكاف، والترتيب والموالاة في الوضوء، وكذا المضمضة والاستنشاق، وغير ذلك مما ثبت فيه المواظبة من غير ترك، مع أنها سنة، وقد استدل هو صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه على سنية أكثرها بالمواظبة مع عدم تبيين تركها، بل ثبت عدم الترك. انتهى.
وبه يتبين أن المواظبة ليس دليل الوجوب عندهم.
قلت: فإذا كانت المواظبة على السنن لا تصيرها واجبة، فكيف إذا ترك

(96) فتح العلام 1 / 195.
(97) فواتح الرحموت 2 / 181.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست