مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٥ - الصفحة ١١٦
قال رحمه الله: لكن فاتهم أن التفريق قد أدى بكثير من أهل الأشغال إلى ترك الصلاة كما شاهدناه عيانا، بخلاف الجمع فإنه أقرب إلى المحافظة على أدائها.
وقال رحمه الله: وبهذا يكون الأحوط للفقهاء أن يفتوا العامة بالجمع، وأن ييسروا ولا يعسروا (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). انتهى.
فالجمع رخصة من الشارع ينبغي الأخذ بها، لا سيما إذا اضطر المكلف إليه.
أخرج البيهقي، عن ابن عمر والبزار والطبراني وابن حبان، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
وأخرج أحمد والبزار وابن خزيمة وابن حبان والطبراني - في الأوسط - والبيهقي، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما لا يحب أن تؤتى معصيته.
وأخرج الطبراني، عن عبد الله بن يزيد بن أديم، قال: حدثني أبو الدرداء ووائلة بن الأسقع وأبو أمامة وأنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة ربه.
وأخرج الطبراني، عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة (95).
ثم إن طائفة من جمهور العامة عمدوا إلى تلكم السنن الواردة في الجمع في الحضر، المتفق على صحتها، فردوها دفعا بالصدر، وقد يتعلقون في ذلك بأمور واهية، فكان مثلهم (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كان يعلمون).

(95) الدر المنثور - للسيوطي - 1 / 193.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست