مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٥٥
وعلى أي حال فالقائلون باستحباب الخطب الأربعة يتمسكون في إثبات ذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب فيها، لكن بعد التأمل الصادق في أخبار المسألة لا يمكن الجزم بوقوع أكثر من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب خطبة واحدة مشهورة، وهي: " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم. " الخبر وفيه " ألا وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض "، وإنما الاختلاف في يومه:
ففي رواية جابر: أنه في عرفات (112)، وفي بعض الروايات أنه يوم النحر في منى (113)، وقد أطلقت بعض الروايات القول بأنه في منى (114)، وفي بعض الأحاديث أنه خطب الناس في اليوم الثاني من أيام التشريق (115).
وفي تاريخ ابن كثير: قال ابن حزم: جاء أنه خطب يوم الرؤوس، وهو اليوم الثاني من يوم النحر، بلا خلاف عن أهل مكة، وجاء أنه أوسط أيام التشريق فيحتمل (فيحمل ظ) على أن أوسط بمعنى أشرف، كما قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا). وهذا المسلك الذي سلكه ابن حزم بعيد، والله أعلم (116).
والغرض فن نقل هذا الاختلاف أن من المحتمل كون خطبة النبي صلى الله

(١١٢) لاحظ على سبيل المثال: أخبار مكة - للأزرقي ١ / ١٨٦، سنن ابن ماجة: كتاب المناسك - باب ٨٤ - ٢ / ١٥٢٤، المغازي - للواقدي - ٣ / ١١٠٧، كتاب الخلاف - للشيخ الطوسي ٢ / ٢٦٧، بداية المجتهد ١ / ٣٣٥، البداية والنهاية ٥ / ١٤٨.
(١١٣) صحيح البخاري / كتاب العلم، باب قول النبي " رب مبلغ أوعى من سامع، كتاب الحج، باب الخطبة إيام منى، كتاب الأضاحي، باب من قال: الأضحى يوم النحر. صحيح مسلم / كتاب القسامة، ح ٢٩، طبقات ابن سعد ٢ / ١٣٣ المغازي ٣ / آخر ١١١٠، البداية والنهاية ٥ / آخر ١٩٥ و ١٩٨.
(١١٤) البداية والنهاية ٥ / آخر ١٩٥ وآخر ١٩٨ و ١٩٩، تفسير القمي: ذيل آية التبليغ.
(١١٥) طبقات ابن سعد ٢ / ١٢٥، البداية والنهاية ٥ / ٢٠١، ولاحظ. الخلاف - للشيخ الطوسي - ٢ / ٣٥٥ وما في هامشه من المصادر.
(١١٦) البداية والنهاية ٥ / 202.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست