وعلى أي حال فالقائلون باستحباب الخطب الأربعة يتمسكون في إثبات ذلك بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب فيها، لكن بعد التأمل الصادق في أخبار المسألة لا يمكن الجزم بوقوع أكثر من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب خطبة واحدة مشهورة، وهي: " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم. " الخبر وفيه " ألا وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض "، وإنما الاختلاف في يومه:
ففي رواية جابر: أنه في عرفات (112)، وفي بعض الروايات أنه يوم النحر في منى (113)، وقد أطلقت بعض الروايات القول بأنه في منى (114)، وفي بعض الأحاديث أنه خطب الناس في اليوم الثاني من أيام التشريق (115).
وفي تاريخ ابن كثير: قال ابن حزم: جاء أنه خطب يوم الرؤوس، وهو اليوم الثاني من يوم النحر، بلا خلاف عن أهل مكة، وجاء أنه أوسط أيام التشريق فيحتمل (فيحمل ظ) على أن أوسط بمعنى أشرف، كما قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا). وهذا المسلك الذي سلكه ابن حزم بعيد، والله أعلم (116).
والغرض فن نقل هذا الاختلاف أن من المحتمل كون خطبة النبي صلى الله