مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٥٠
وكذلك " الرؤية " فإنها داخلة في خواص الأجسام، التي نفاها هشام بقوله:
"... لا كالأجسام ".
وقد صرح هشام بأن " الرؤية " من لوازم " الجسمية " في مناظرته لأبي الهذيل العلاف، فقال له: إذا زعمت: أن الحركة ترى، فلم لا زعمت أنها تلمس؟
قال العلاف. لأنها ليست بجسم، فيلمس، لأن اللمس إنما يقع على الأجسام!
قال هشام: فقل " إنها لا ترى " لأن الرؤية إنما تقع على الأجسام " (121).
فإذا نفى هشام خواص الأجسام عن البارئ بقوله: ". لا كالأجسام " فهو ينفي رؤية البارئ تعالى قطعا.
ولذا لم ينقل عنه القول بالرؤية إلا ما حكاه بعض خصومه من المعتزلة.
قال الشيخ المفيد: فأما نفي الرؤية عن الله عز وجل بالأبصار، فعليه إجماع الفقهاء والمتكلمين من العصابة كافة، إلا ما حكي عن هشام في خلافه (122).
والذي حكى هذا القول الشاذ هو القاضي عبد الجبار، فقال: وأما هشام بن الحكم وغيره من المجسمة فإنهم يجوزون أن يرى في الحقيقة ويلمس (123).
مع أنا عرفنا مصطلح هشام في " الجسم " وأنه أطلقه على معنى " الشئ " و " الموجود " و " القائم بنفسه " ونفى عنه خواص الأجسام بقوله " لا كالأجسام " وعلمنا أن ذلك يقتضي نفي هشام ل‍ " الصورة " و " الرؤية ".
والقاضي - نفسه - اعترف بأن معاني " الشئ " و " الموجود " و " القائم بنفسه " لا تؤدي إلى " التجسيم " ولا تلازم القول ب‍ " الرؤية " (124).
وقد اعترف القاضي - أيضا - بأنه: لا أحد يدعي أنه يرى الله سبحانه إلا

(١٢١) مروج الذهب ٥ / ١٢ رقم ٢٩١٧.
(١٢٢) (الفصول المختارة ٢ / ١٢١. وأوائل المقالات. ٥٩.
(١٢٣) المغني ٤ / 139.
(124) الغني 4 / 180.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست