وهذا النص، وإن لم يفسر فيه الجسم بما اصطلح عليه هشام، إلا أن قوله:
" خارج من جميع صفات الأجسام " إلى آخر العبارة، لازم لذلك، بل هذا هو توضيح لذيل المقولة: "... لا كالأجسام " كما هو واضح مما تقدم ذكره مكررا.
ومع هذا، فالأشعري ينسب إلى هشام القول بأن ربه في مكان دون مكان، تعالى الله عن ذلك، وكذلك ينسب إليه أقاويل تنافي هذه المقولة منافاة ظاهرة، ويضيف على مقولته أقبح ما يقال في هذا المجال، مما لا يخفى على عاقل، فكيف يخفى ذلك.
على الأشعري المتغافل!؟
هذا، وقد اعترف كبار الأشاعرة، المتقدمون والمتأخرون، بعدم دلالة المقولة على التجسيم، كما نقلناه عن الأيجي، والجويني، والدواني، والرازي، وعبده.
وأما الظاهرية:
فقد عرفنا من أشهر شخصية علمية فيهم، وهو ابن حزم الظاهري تصريحه بأن: من قال: " جسم لا كالأجسام " فليس مشبها، لكنه ألحد في أسماء الله تعالى، إذ سماه عز وجل بما لم يسم به نفسه (130).
مع أنه يوافق على مقولة " شئ لا كالأشياء " (131).
وقد عرفنا أن مقولة " جسم لا كالأجسام " هي مرادفة لمقولة " شئ لا كالأشياء " وبمعناها على مصطلح هشام في " الجسم ".
وأما المعتزلة:
فقد أبدوا معارضة شديدة للمقولة، باعتبارهم أكثر الناس عداء لهشام ولما ينسب إليه من آراء.
وذلك لأنه الرجل القوي الذي كان يقف في وجههم وهم في أوج قدرتهم