وعزتهم، " فكان الشخصية القوية الذي ناظرهم وناظروه " (132) وهو الوحيد الذي اضطر الخصوم للاعتراف له بأنه " صاحب غور في الأصول " (133) وبلغ من القوة بحيث قالوا في حقه: " لا مجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، فإن الرجل وراء ما يلزم به على الخصم " (134).
وقد ذكر الشهرستاني أن هذه المقولة إنما أوردها هشام في إلزام أبي الهذيل العلاف بالذات، وهو من كبار المعتزلة المعاصرين لهشام، وله معه مناظرات عديدة.
والمعتزلة مع إجماعهم على مقولة " شئ لا كالأشياء " (135) ومع أن بعضهم وافق على كبرى " لا شئ إلا وهو جسم " (136)، إلا أنهم أغفلوا مصطلح هشام، وعارضوا المقولة، وغالطوا في حملها على غير مصطلح هشام، وقد أوضحنا سابقا مواقع المغالطة في كلماتهم (137).
لكن الجبائي - وهو من كبارهم - كان يزعم: أن العقل إذا دل على أن البارئ " عالم " فواجب أن نسميه " عالما " وإن لم يسم نفسه بذلك، إذا دل العقل على المعنى، وكذلك سائر الأسماء (138).
فهو على هذا ملزم بالموافقة على المقولة، على مصطلح هشام، ولكن لم أجد تصريحا له بذلك.
لكن واحدا من المعتزلة صرح بالحق في شأن المقولة، وهو ابن أبي الحديد، الذي صرح بأن المقولة " جسم لا كالأجسام " إذا كانت على معنى: أن الله تعالى