المسمى ب " الذات " وب " الشئ " وفي اصطلاح هشام ب " الجسم ".
وحيث أن القديم تعالى ليس عرضا وليس فعلا، بل هو موجود مستقل في الوجود، قائم بذاته، وبنفسه، ولا يحتاج في وجوده إلى محل يقوم به أو فيه، وهو " شئ " فهو مرادف - عند هشام - لكلمة " جسم ".
وليس مفاد ذلك التجسيم المعنوي الذي يدعيه " المجسمة " بل هو إطلاق للفظ " الجسم " بمعنى " الشئ "، ولا محذور فيه سوى موضوع توقيفية أسماء الله تعالى، وسيجئ.
ومن هنا نعرف أن القاضي قد حرف هذا الاستدلال، وصوره استدلالا على التجسيم المعنوي، باعتباره الجسم المفروض في الاستدلال مقابلا للعرض، قسما من الجوهر، فلهذا فرض في جوابه عنه وجود قسم ثالث ليس بجسم ولا عرض، وأنه هو ذات معلوم أو يمكن اعتقاده، وهو القديم تعالى (95).
لكن المقابلة المفروضة في الاستدلال بين العرض والجسم، توحي أن المراد بالجسم هو ما يستقل في الوجود وإلا لم تصح المقابلة، كما لا يصح الحصر، فكيف يصح الاستدلال، وكيف يفرض غفلة المستدل عن ذلك؟ مع فرط وضوحه؟
وليس له وجه صحة إلا ما ذكرنا، وحاصله: أن المعقول - والمراد به ما يمكن فرضه موجودا - إما أن يكون مستقلا بنفسه في الوجود، أو يكون غير مستقل، والأول هو الذات، ويسميه المستدل " جسما " والثاني هو العرض، والبارئ تعالى لا يكون عرضا، فهو " الجسم ".
والمراد بالعرض عند هشام هو " المعنى " وهو لا يراه " شيئا " كما عرفت (96).
لأن العرض هو ما يعرض غيره في الوجود، ولا يجب لبثه كلبث الأجسام (97).