قيل لهم - وبالله التوفيق -: لولا النص الوارد بتسميته تعالى بأنه حي، وقدير، وعليم، ما سميناه بشئ من ذلك، لكن الوقوف عند النص فرض، ولم يأت نص بتسميته تعالى " جسما " - ولا قام البرهان بتسميته " جسما " بل البرهان مانع من تسميته بذلك تعالى.
ولو أتانا نص بتسميته تعالى " جسما " لوجب علينا القول بذلك، وكنا - حينئذ - نقول: إنه ". لا كالأجسام " (116).
وهذا صريح في أن المانع من إطلاق لفظ " جسم " هو التوقيف، لعدم وروده في النص، وأنه لو أطلق لزم إضافة ذيل المقولة عليه.
وأما قوله: بل البرهان مانع من تسميته بذلك تعالى، فليس بصحيح:
أولا. لو كان هناك مانع غير التوقيف، لما صح إطلاقه عليه تعالى بمجرد ورود النص به، كما فرضه هو.
وثانيا: إن البرهان لا دخل له في أمر الألفاظ والتسميات، لأن ذلك من شؤون اللغة والوضع، لا البرهان والعقل، كما سيأتي توضيحه في مسألة توقيفية الأسماء، إن شاء الله.
. ثم إنا لم نقف على برهان عقلي على عدم صحة إطلاق اسم " الجسم " عليه تعالى! نعم، قد تم البرهان على نفي التجسيم عنه تبارك وتعالى، وأين هذا من التجسيم اللفظي!؟
والحاصل: أن المقولة لا تدل على التجسيم، بل تدل على التنزيه عن حد التعطيل، وعن حد التشبيه، فإطلاق النفي في قوله " لا كالأجسام " صريح في نفي كل أشكال التماثل والمشابهة بين البارئ تعالى وبين الخلق، وهذا بنفسه قرينة على صرف معنى " الجسم " عن المفهوم اللغوي والعرفي، إلى مصطلح هشام، وإرادة " الموجود " أو " الشئ " أو " القائم بالذات " فلا تكون المقولة إلا تعبيرا عن إثبات وجود البارئ