6 - مواقف الكلاميين من المقولة:
لقد عرفنا خلال عرضنا لمصطلح هشام مواقف العلماء الناقلين لذلك من المقولة، ورأينا هنا أن نستعرض تلك المواقف في نظرة سريعة:
أما الأشاعرة:
فقد صرح رئيس مذهبهم أبو الحسن الأشعري بأن هشاما قال: هو " جسم لا كالأجسام " ومعنى ذلك: أنه " شئ موجود " (127).
وهذا واضح في تفسيره المصطلح بما لا يدل على التجسيم المعنوي، فإن من يعبر عن الله تعالى بأنه " شئ موجود " لم يذكر بكلامه هذا إلا إثبات وجود الله تعالى، دون أن يعبر عن كون الله تعالى له صفة الجسمية أو غيرها، فكذلك المقولة التي تدل على معنى " شئ موجود " كما فسرها الأشعري.
مضافا إلى أن ذيل المقولة يدل على نفي تشبيهه بالأجسام كلها، فهو أصرح، في عدم التجسيم المعنوي.
وقد. صرح الأشعري في مورد آخر بأن الذي يقول في البارئ " جسم " بمعنى أنه " موجود ": لا يثبت البارئ ذا أجزاء مؤتلفة، ولا أبعاض متلاصقة (128).
فهذا - على مصطلح هشام - صريح في نفي المعنى اللغوي للجسم الدال على الأبعاد والأجزاء وتألفها في الوجود.
وأصرح من ذلك قوله: وقال قائلون: هو " جسم خارج من جميع صفات الأجسام " ليس بطويل، ولا عريض، ولا عميق، ولا يوصف بلون، ولا طعم، ولا مجسة، ولا شئ من صفات الأجسام، وأنه ليس في الأجسام، ولا على العرش (129)...