مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٤٦
" فالبلكفة " من مصطلحات الصفاتية، وقد أصبحت عقيدة الأشاعرة من بعدهم، وصار مذهبا لأهل السنة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية (112).
فقد تهربوا من الإجابة بتكميمهم الأفواه، وتستروا عن التشبيه الذي تدل عليه أسماء الأعضاء بادعائهم " اللا كيف ".
ولذلك قال الشاعر فيهم.
قد شبهوه بخلقه وتخوفوا خوف الورى فتستروا بالبلكفة لكن الدواني غالط، واعتبر قول القائل. " لا كالأجسام " بلكفة، مع أن المنفي في هذه المقولة ليس هو الكيف، وإنما المنفي صريحا هو التشبيه، ومع ذلك فالدواني يعتبر المقولة " تشبيها ".
فما أوضح هذا التهافت؟!
وإذا كان لفظ " جسم " بمعنى " شئ " دلت المقولة على ما تدل عليه الآية الكريمة: (ليس كمثله شئ) [سورة الشورى (42) الآية (11)] - كما سبق أن شرحناه - فهل يعتبر الدواني هذا - أيضا - بلكفة؟!
6 - وصرح ابن حزم بأن المقولة لا مانع فيها إلا من جهة توقيفية الأسماء، فقال: ومن قال. إن الله تعالى " جسم لا كالأجسام " فليس مشبها (113) لكنه ألحد (114) في أسماء الله تعالى: إذ سماه عز وجل بما يسم به نفسه (115).
وقال: إن قالوا لنا: إنكم تقولون: إن الله عز وجل حي لا كالأحياء، وعليم لا كالعلماء، وقادر لا كالقادرين، و " شئ لا كالأشياء " فلم منعتم القول بأنه " جسم لا كالأجسام "؟.

(112) الملل والنعل 1 / 93 وقبلها.
(113) في المصدر: " مشتبها " وهو غلط، كما لا يخفى.
(114) الالحاد في الشئ: إدخال ما ليس منه فيه.
(115) الفصل 2 / 120.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست