مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٥٦
ومعنى، لوضوح اختلافها بألفاظها ومضامينها، وإن كان بينها قدر مشترك كما لا يحق، ضرورة أن وجود القدر المشترك بينها لا يوجب تواتر الأخبار بالنسبة إليه، ما لم يحرز أن المخبرين بصدد الإخبار عن معنى واحد، وأن اختلافهم إنها هو يكون في خصوصياته، كيف والأخبار الكثيرة المتفرقة يكون بين مضامينها قدر مشترك لا محالة، ولا يفيد كثرتها القطع به أصلا.
لأنا نقول: وجه الاستدلال إنما هو تواترها على نحو الاجمال بمعنى أن كثرتها يوجب القطع بصدور واحد منها، وهو كاف حجة على حجية الخبر الواحد في الجملة في قبال نفي حجيته مطلقا، وقضيته الاقتصار على اعتبار خصوص ما دل على اعتباره من أنحاء خبر الواحد مثل خبر العدل أو مطلق الثقة أخص الطائفة التي علم بصدور واحد بينها مضمونا " (34).
بينما يفسر التواتر المعنوي " ما أحرز فيه أن المخبرين بصدد الإخبار عن معنى واحد " بحيث يستهدف ويقصد المخبرون الإخبار عن معنى واحد، وبذلك يحصل القطع بذلك المعنى الواحد المقصود لتحقق التواتر فيه، وأما في التواتر الإجمالي فلا يشترط توفر ذلك فيه، بل إن كثرة الأخبار نفسها توجب القطع بصدور خبر واحد منها، ومقتضاه اعتبار الخبر الأخص مضمونا من الجميع، فلا يشترط فيه كون المخبرين بصدد الإخبار عن معنى واحد.
وفي كتابه " الكفاية " يذكر هذه الفكرة أيضا بصورة أكثر إيجازا، فيقول حول الموضوع نفسه: " إلا أنه يشكل الاستدلال بها على حجية أخبار الآحاد، بأنها أخبار آحاد غير متفقة على لفظ ولا على معنى، فتكون متواترة لفظا أو معنى، ولكنه مندفع: بأنها وإن كانت كذلك، إلا أنها متواترة إجمالا، ضرورة أنه يعلم إجمالا بصدور بعضها منهم - عليهم السلام -، وقضيته وإن كان حجية خبر دل على حجية أخصها مضمونا، إلا أنه يتعدى عنه فيما إذا كان بينها ما كان بهذه.

(34) حاشية الآخوند على الرسائل: 69.
(٥٦)
مفاتيح البحث: الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست