إذا، فلو كانت قيمة التواتر معتمدة على إفادة العلم واليقين، فالمقياس هو العلم من أي عدد حصل، ومن هنا ذكروا أن لخصوصيات الرواة وصفاتهم أثرها في سرعة حصول العلم وبطئه، فهناك فرق بين أفراد ثقات وغير ثقات ينقلون الخبر، فإنه ربما حصل العلم بإخبار عدد أقل من الثقات، بينما لا يحصل العلم بمثل هذا العدد من غيرهم، بل يلزم أن يكون عددهم أكثر، فلو كان يشترط عدد معين، لوجب الالتزام به، ولا تأثير لخصوصيات الأفراد وصفاتهم في ذلك، بينما الوجدان حاكم بالفرق بين الحالتين من حيث حصول العلم.
أقسام التواتر ذكرت تقسيمات عديدة للتواتر، ولكن نذكر هنا ثلاثة أقسام منها ولعل التقسيمات الأخرى داخلة فيها:
1 - التواتر اللفظي: وهو أن يتفق جميع الرواة الذين يمتنع تواطؤهم على الكذب في سلسلة السند على نقل رواية بألفاظ معينة أو مرادفة لها - كما ذكره البعض - دون اختلاف بينهم في النقل، وبذلك يحصل العلم بذلك المتن الواحد، ومثل له ببعض الروايات عن النبي - صلى الله عليه وآله - والأئمة - عليهم السلام - مثل قوله - صلى الله عليه وآله -: " إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي " حيث حصل التواتر بين المسلمين في صدور هذا الكلام من النبي - صلى الله عليه وآله -.
وقد يقطع بصدور الكلام ولكن يختلف في مضمونه كالحديث النبوي الشريف: " من كنت مولاه فهذا علي مولاه " فهذا المتن متواتر بين المسلمين، وأنه نطق به الرسول - صلى الله عليه وآله - ولكن اختلف البعض في مضمونه، وفي معنى " المولى "، وقد أنكر البعض وجود المتواتر اللفظي في الروايات.