مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٥٢
2 - المتواتر المعنوي: أن يتفق الجميع على نقل المدلول والمضمون الواحد، وإن اختلفت الألفاظ الدالة على ذلك المدلول الواحد، سواء كانت دلالتها على ذلك المدلول الواحد المشترك بالدلالة المطابقية أو التضمنية أو الالتزامية، ومثل له بالأخبار التي تخبر عن شجاعة الإمام أمير المؤمنين - عليه السلام -، حيث تنقل حروبه وحكايات بطولته بمختلف أساليب التعبير والقضايا عن ذلك اللازم الواحد وهو الشجاعة، بحيث تفيد بمجموعها الجزم بتحقق ذلك.
فلا يشترط في التواتر المعنوي اتفاق الأخبار على المعنى الواحد، فإن كل خبر يختلف بلفظه ومعناه المباشر عن الآخر، ولكن كل الأخبار تدل على مدلول واحد، تستهدفه وتقصده، وكلها تدور حول محور واحد، كما في أخبار الشجاعة، فربما كان خبر منها ينقل حكاية تختلف عن الحكاية التي ينقلها الخبر الآخر فتختلف الأخبار بألفاظها ومعانيها، ولكنها كلها تدور حول محور واحد وهو الشجاعة، وتستهدفه وتدل عليه. إذا فكل خبر يحكي عن واقع، وكل خبر وواقع ليس متواترا ومقطوعا في نفسه لأنه خبر واحد، ولكن كل الأخبار والوقائع تدل على أمر ولازم واحد نقطع بثبوته خارجا وقد ذكرت للتواتر المعنوي أقسام عديدة ذكرها المحقق القمي، وتعرض لها الشيخ المامقاني في " مقباس الهداية ".
3 - التواتر الاجمالي: بأن تنقل جماعة كبيرة أخبارا كثيرة متعددة مختلفة في اللفظ والمعنى والمدلول، ولكن نتيقن بصدق بعضها، فلا تخبر عن ألفاظ معينة أو مضمون واحد، ولكن نتيقن بأن هذه الأخبار الكثيرة المختلفة لا يمكن أن تكون جميعها كاذبة، بل لا بد أن يكون بعضها صادقا وصادرا، ولكن هذا البعض المعلوم الصدق والصدور غير واضح ومتميز بشخصه، بل إنه معلوم بالإجمال، فنعلم إجمالا بصدق بعضها وإن لم يتحدد بعينه.
وهذه الظاهرة لا تختص بالروايات الشرعية المنقولة عن المعصومين - عليهم السلام - بل إنها تشمل الأخبار التاريخية والعرفية أيضا، فلو نقل ألف شخص أخبارا متعددة، مختلفة في مدلولاتها، وكل واحد منها لا يفيد الجزم بصدقه
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست