مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٦٧
يخطأون في فهم الحادثة على وجهها، حينما تقتضي الحادثة دقة الملاحظة " (48).
فالعلم لا يحصل وجدانا من الخبر المتواتر ما لم ينتف احتمال الكذب واحتمال الخطأ وخداع الحواس والاشتباه، وقد التفت صاحب الفصول لذلك حيث يذكر في الشروط: " ومنها أن يبلغ المخبرون في الكثرة حدا يمنع كذبهم أجمع عادة ولو على سبيل السهو والخطأ "، كما أنهم - في الاجماع - يذكرون أن السبب في عدم تأثير التواتر في الاجماع هو وجود احتمال الخطأ كما ذكرناه، وقد ذكرنا الفرق بين نقل الأمر الحسي والحدسي وتأثيره في زوال احتمال الخطأ والاشتباه.
ولعل السيد المرتضى كان ملتفتا لهذا الشرط فذكر في الذريعة من شروط حصول العلم من التواتر: " أن يعلم أن اللبس والشبهة فيما أخبروا عنه زائلان " كما أنه التفت إلى شرط آخر وهو العلم بعدم تواطؤ المخبرين على الكذب (49)، فلو علم أو احتمل تواطؤهم على الكذب، فلا يحصل العلم للسامع، ولكن الملاحظ أن الكثرة العددية بنفسها تزيل احتمال الاشتباه أو التواطؤ على الكذب إلا أن توجد قرائن تدل عليهما، فلا يحصل العلم وجدانا.
وتذكر للتواتر شروط أخرى ناقشها العلماء:
يقول في الفصول: " وقد يشترط في التواتر أن يكون المخبرون من أهل بلدان مختلفة، واعتبر بعض اليهود أن لا يكونوا من أهل دين واحد، وهما بمكان من الضعف والسقوط "، فإننا نرى حصول العلم وجدانا من نقل مخبرين تحرز عدم تواطئهم على الكذب، سواء كانوا من دين واحد أو أديان متعددة، أو من بلد واحد أو بلدان متعددة.
والملاحظ أن هذين الشرطين وإن لم يلزم توفرهما في تحقق التواتر وحصول العلم منه، ولكنهما لو توفرا فسيكون لهما تأثيرهما في سرعة حصول العلم وبطئه.

(48) المنطق: 286.
(41) الذريعة، للسيد المرتضى 2 / 499.
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست