مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٥٣
لوحده، ولكن نعلم إجمالا بأن البعض منها صادق، إذ لا يمكن أن تكون كل الأخبار المنقولة من الصباح والمساء كاذبة، ولا يمكن أن يتفق الجميع مع كثرتهم واختلافهم على الكذب أو الخطأ عادة، إذا فيكون بعضها صادقا وإن لم نحدده.
ويمثل له بالروايات المذكورة في كتب الحديث، فإنها وإن اختلفت لفظا ومعنى ومدلولا، ولكن نعلم بصدور بعضها إجمالا، إذ يقطع الإنسان بعدم اتفاق الجميع على وضع هذه الأحاديث والكذب أو الخطأ في نقلها مع اختلافهم، إذ يستحيل تواطؤهم على ذلك، فهذه الحالة توجب الجزم بصدور البعض منها إجمالا.
وفي التواتر الاجمالي قالوا بالأخذ بالقدر الجامع بين الأخبار، الذي هو الخبر المشتمل على أخص المضامين كلها فيما لو وجد مثل هذا الجامع بينها، وإنما يؤخذ بالقدر المتيقن الجامع لأنه أخص الجميع.
فكل الأخبار تقول بذلك الجامع، ويحصل العلم به لو بلغ عدد الأخبار حدا يقطع بعدم تواطئهم على الكذب، فثبت به الجامع بين الكل، وهو العنوان الذي تنطبق عليه جميع العناوين، ومقتضى تواترها الإجمالي هو حجية خبر من أخبار الحجية هو أخص من الكل مضمونا وأضيقها دائرة، فإنه القدر الجامع بين الكل، وهو الذي توافقت عليه الأخبار وأطبقت على صحة مؤداه " (27).
إذن فمقتضى التواتر الإجمالي هو الأخذ بالخبر الواجد لجميع الخصوصيات باعتبار كونه القدر المتيقن منها.
ويمثل له في علم الأصول بالأخبار الدالة على حجية الخبر الواحد، فإنها لا تتفق على ألفاظ معينة أو تستهدف معنى واحدا، ولكن هناك قدر جامع بين الجميع، وهذه الأخبار بالغة حد التواتر الإجمالي " ومقتضاه الالتزام بحجية الأخص منها المشتمل على جمع الخصوصيات المذكورة في هذه الأخبار، فيحكم

(27) يلاحظ. عناية الأصول 3 / 194 و 243.
(٥٣)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست