مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٥٨
جماعة مختلفة وكبيرة، ولذلك يحصل التواتر اللفظي بعدد أقل من العدد الذي يلزم توفره في القسمين الآخرين، وأن اليقين الذي يحصل منه أسرع من حصوله في القسمين الآخرين.
وكذلك التواتر المعنوي الذي يستهدف فيه الرواة معنى واحدا يعبرون عنه بتعبيرات مختلفة، فإن احتمال الكذب أو الخطأ في نقلهم أكثر ضعفا من التواتر الإجمالي.
وأما في التواتر الإجمالي حيث لا يهدف فيه الرواة نقل ألفاظ معينة ولا معنى واحدا، وإنما تعتمد قيمة التواتر الإجمالي على الكثرة العددية فحسب، وبوصول العدد إلى الحد الذي يستحيل معه تواطؤهم على الكذب أو الخطأ دون أي تأثير للفظ أو المضمون الواحد في ذلك، فإنه يحتاج في حصول العلم واليقين به إلى عدد أكبر لقوة احتمال الخطأ فيه ولاعتماده - تماما - على العدد، فكلما ازداد العدد ضعف احتمال الكذب أو الخطأ فيه.
ومعنها: ما ذكرة بعض بأن استكشاف المضمون وإثبات صدقه ومطابقته للواقع في المتواتر اللفظي خاضع لأصالة الظهور وجهة الصدور، لأن التواتر يثبت القطع بصدور الكلام، وأما فهم مضمونه فهو خاضع لما ذكرناه، وكذلك في التواتر الإجمالي، فإن التواتر يثبت القطع بصدور الخبر المشتمل على المضمون الأخص، وأما فهم المضمون وصدقه فهو خاضع لأصالة الظهور وجهة الصدور، وأما في التواتر المعنوي فإن القطع باللازم الواحد الذي تدل عليه الأخبار كلها فلا يخضع لأصالة الظهور وجهة الصدور.
ومنها: أن هذه الأقسام تختلف في وقوعها خارجا، فإن التواتر اللفظي أقل وقوعا ووجودا في كتب الحديث، والروايات المنقولة عن المعصومين - عليهم السلام - من التواتر المعنوي، والتواتر المعنوي أقل وجودا من التواتر الإجمالي، ولذلك ربما أنكر البعض وجود التواتر اللفظي في الروايات، بينما أثبته البعض الآخر في روايات قليلة جدا.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست