الحاصل من التواتر هو الوثوق والاطمئنان، كما يذكر ذلك الشيخ النراقي في كتابه " عوائد الأيام ".
يقول الشيخ النراقي في العوائد - بعد أن يبحث عن مفهوم العلم في الشرعيات - ص 153 -: " والحاصل أن العلم والظن في الأحكام الشرعية هو العلم والظن المتعارف إطلاق اللفظ عليهما عند العرف، فإذا كان طرفا الحكم متساويين يسمونه ترديدا أو شكا وإن كان أحد الطرفين أقوى، ولكن لا بحيث يستهجن تجويز خلافه، ولا يعتنى عندهم إلى خلافه ولا يلتفتون إليه في مقاصدهم، كان ذلك ظنا، وطرف خلافه وهما، وإن كان أحدهما بحيث يستقبح تجويز خلافه، ولا يعتنى إليه عند متعارفهم، وإن كان محتملا عقلا، يسمونه علما، وعليه بناؤهم في الامتثالات والمخالفات، ومن هذا القبيل العلم الحاصل من المتواتر غالبا، ومن الأخبار المحفوفة بالقرائن ".
ولكن هذا المعنى للعلم هو المراد من الوثوق والاطمئنان الذي يستقبح ويستهجن العرف احتمال خلافه، وليس هو القطع والعلم الحاصل من المتواتر، ومثل هذا الوثوق هو ملاك حجية الخبر الواحد واعتباره - كما يذكر ذلك الشيخ الأنصاري في الرسائل - فلا يبقى فرق بينه وبين الخبر المتواتر، وقد ذكرنا تصريح وتأكيد العلماء على أن التواتر من قبيل الضروريات.
ولكن يحتمل أن يريد النراقي من العلم، ليس الجزم العقلي، بل الجزم العادي، وبذلك يتوافق مع سائر آراء العلماء في هذا المجال، وأن بقاء احتمال الخلاف في التواتر بالنظر العقلي، لا في النظر العرفي وفي حدود العادة.
ولكن نرى العلماء يضيفون لتعريف التواتر " يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب " أو " أنه يفيد العلم بصدقه عادة "، يقول في الفصول: " بل المدار على إفادته للعلم عادة "، فما مقصودهم من " العادة " هنا؟
لعل مرادهم من هذا التعبير يظهر من خلال فكرتين نذكرهما هنا:
1 - إن المعتبر في تحقق التواتر وصدقه على الخبر هو علم الفرد العادي لا