إخفاء الواقع، وعدم إبراز ما في أنفسهم، فحينئذ التوافق أما قضية اتفاقية وأما عن واقع جامع لهم في الأخبار، والاتفاقية بعيدة في الاثنين، وأبعد في الثلاثة مثلا، إلى أن يبلغ درجة الاستحالة، وهذا هو التواتر ".
فتوافق هؤلاء المخبرين على الكذب، أو الخطأ، بعيد، ويزداد هذا البعد كلما ازداد عدد المخبرين، حتى يصل إلى درجة الاستحالة.
وفي " فوائد الأصول " للشيخ النائيني: " وقيل: إن حجيته - أي الاجماع - مكان تراكم الظنون من الفتاوى، إلى حد يوجب القطع بالحكم، كما هو الوجه في حصول القطع من الخبر المتواتر " (12).
ثم يناقش هذا الدليل في الاجماع، وإن وافق عليه في الخبر.
ومن كل ما ذكرناه من أقوال العلماء في هذا المجال، نستطيع أن نلخص هذه الطريقة بما يلي:
إن كل خبر من هذه الأخبار التي تنقلها هذه الجماعة يفيد درجة من الظن بصحة مدلول الخبر ووقوعه خارجا، وحين ينظم إليه خبر آخر فإن هذه الدرجة من الظن سوف تشتد وتقوى - مع ضعف الاحتمال المخالف له، وهكذا بازدياد عدد الأخبار والمخبرين ين سوف تبلغ الدرجة إلى الحد ينعدم معه احتمال الخلاف تماما، وبذلك سوف يتحقق القطع والجزم بوقوع مضمون الخبر في الخارج، فإن الظن متوقف على وجود احتمال الخلاف، وأما المقطع واليقين فهو الذي يزول معه احتمال الخلاف.
إذا فالكثرة في نقل الحادثة الواحدة لها هذه الخصوصية، وهي التأثير في إزالة احتمال الخلاف بالتدريج إلى أن ينعدم، فكل خبر لوحده يفيد الظن، لكن بتجمع هذه الظنون وتراكمها سوف ينتهي هذا الظن إلى القطع (13).