مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٤٧
كما قد ينكر بعض الأفراد بعض الضروريات لشبهات في أذهانهم، كإنكارهم لاستحالة اجتماع النقيضين، كما ذكروا ذلك في مناقشة السمنية، وهي طائفة دهرية تنكر حصول العلم من التواتر.
فالمقصود من العلم العادي الذي يلزم توفره في تحقق التواتر وصدقه، هو العلم الحاصل للذهن العادي - لا الذهن غير العادي كالقطاع - أو كالشخص المتلبس بالشبهات.
يقول صاحب الجواهر: " نعم، قد يشتبه على بعض المتشرعين فيتخيل الظن الغالب علما، كما أنه قد يقطع مما لا يفيد القطع، خصوصا إذا انضم إليه بعض الأغراض النفسانية، بخلاف العلم الحاصل بالأمور المفيدة له عرفا عند المستقيمين الخالين من الأغراض الذين لهم قابلية النقد والتميز بين المراتب، فإنه لا يتخلف غالبا، واتفاق تخلفه غير قادح، كما أنه قد يتخلف العلم بالحس لاشتباه ونحوه " (20).
ويجب أن يعلم أن كلامنا هو في تحقق التواتر وصدقه على الخبر، لا في حصول العلم من الخبر أو عدمه، أو في حجية هذا العلم.
2 - إنهم يفرقون بين الاستحالة العادية والاستحالة العقلية الذاتية، ويمثل للاستحالة العقلية باجتماع النقيضين، حيث يكون ممتنعا في ذاته، وأن العقل - بما هو عقل - يحكم باستحالة، وأما الاستحالة العادية فيمثل لها بالطيران في الهواء بدون واسطة، أو الصعود إلى السطح بدون سلم، فإنه وإن أمكن عقلا وفي ذاته، إلا أنه غير ممكن عقلا في نطاق العادة وحدودها، ولعله على هذا الأساس أرجع صاحب الكفاية المقدمة العادية للمقدمة العقلية في بحث المقدمة.
والخبر المتواتر مفيد لليقين عادة، أي في حدود العادة لا يخطر احتمال الخلاف، وفي حدود العادة يقطع بصدق الخبر المتواتر، وإن هناك ملازمة عادية

(٢٠) الجواهر ٤١ / 131.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست