مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١١٥
يقوموا هم بهذه المهمة بدلا من النحاة - وقد نقل النحاة المتأخرون نص قوله هذا - قال: (والعجب من الأصوليين أنهم أقاموا الدلائل على خبر الواحد أنه حجة في الشرع، ولم يقيموا الدلالة على ذلك في اللغة والنحو، وكان هذا أولى، وكان من الواجب عليهم أن يبحثوا في أحوال اللغات والنحو، وأن يفصحوا عن جرحهم وتعديلهم، كما فعلوا ذلك في رواة الأخبار، لكنهم تركوا ذلك بالكلية، مع شدة الحاجة إليه، فإن اللغة والنحو يجريان مجرى الأصل للاستدلال بالنصوص) (37).
ولو أن النحاة قاموا بتحقيق نصوصهم التي يحتجون بها لما دعا الرازي أصحابه إلى ذلك.
2 - القياس يعرف القياس عند النحاة، كما يعرف عند الأصوليين: (حمل غير المنقول على المنقول، في حكم، لعلة جامعة) (38) وربما فضل الأصوليون أن يقولوا:
(حمل غير المنصوص على المنصوص...) أو: (حمل فرع على أصل في حكم، بجامع بينهما) (39) أو ما يشبه ذلك مما يتضمن أركانه الأربعة: الأصل، والفرع، والحكم، والعلة المشتركة. ولكن هذه التعريفات عند كل من النحاة والأصوليين متأخرة جدا عن نشأة القياس عندهما، وهذا أمر طبيعي خاضع لقانون التطور في أي فن من الفنون.
لمحة تاريخية:
ويبدو لي أن القياس نشأ عند الطرفين، في عصر متقارب، وقد يكون الفقهاء أسبق من النحاة قليلا، وكانت نشأته عندهما نشأة بدائية، قوام القياس

(37) أنظر: المزهر - للسيوطي - 1 / 118 نقلا عن المحصول للرازي، وإرشاد الفحول للشوكاني 15 - 16 نقلا عن المحصول أيضا.
(38) الاقتراح - للسيوطي -: 47.
(39) روضة الناظر - لابن قدامة -: 145.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست