مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١١٤
(745 ه‍) حتى قال: " والمصنف قد أكثر من الاستدلال بما ورد في الأثر، متعقبا بزعمه على النحويين، وما أمعن النظر في ذلك، ولا صحب من لم التمييز) (34) كما رد على ابن مالك أبو إسحاق الشاطبي (790 ه‍) وجلال الدين السيوطي (911 ه‍) وغيرهم، ولم ينح نحو ابن مالك في الاحتجاج بالحديث إلا قلة، منهم ابن هشام (761 ه‍) والمحقق الرضي (686 ه‍) فقد أضاف إلى الاحتجاج بسنة الرسول صلى الله عليه وآله احتجاج بأقوال أهل البيت عليهم السلام.
وبإهمال النحاة الاحتجاج بالسنة، أفقدوا نحوهم أوسع مصادره الموثوقة، واقتصروا على شواهد من الشعر والأمثال، فوقعوا فيما وقعوا فيه من نقص الاستقراء، في حين استفاد أصحابهم اللغويون من احتجاجهم بالسنة فأثروا معجماتهم بمفردات عربية سليمة.
3 - إنهم لم يعتمدوا في تحقيق ما احتجوا به من شواهد الشعر والأمثال، كما اعتمد الفقهاء والمحدثون في تحقيق السنة النبوية - سندا ومتنا - لذلك جاء الكثر من شواهدهم مجهول القائل والرواية، بل وجد فيما احتجوا به نفس السببين اللذين أنكروهما على الأحاديث: وقوع التصحيف واللحن... والنقل بالمعنى أحيانا، كما أنهم لم يتحرجوا في الاحتجاج بما نقله مثل حماد الرواية الذي كان - كما يقول يونس -: (يلحن، ويكسر الشعر، ويكذب، ويصحف) (35)، ويروى أن الكميت امتنع عن إملاء شعره عليه، وقد طلب منه ذلك، وقال له: (أنت لحان ولا أكتبك شعري) (36).
وإذا كان الأمر كذلك، فلم استعار واضعو هذه الأصول من أصحاب أصول الفقه كل ما قالوه في طرق حمل النص، وثقة النقلة والرواة، والتواتر، والآحاد، والمرسل، والمجهول وأمثالها مما لم يلتزموا به في نقلهم لغة العرب، الأمر الذي دعا الفخر الرازي إلى أن ينحو باللائمة على أصحابه الأصوليين، لأنهم لم

(34) الاقتراح: 19.
(35) مراتب النحويين - لأبي طيب اللغوي -: 73.
(36) الموشح - للمرزباني -: 195.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست