مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١١٢
(مصائب) ومنارة على (منائر) مع أن همزتهما مقلوبة عن حرف أصلي.
2 - ردوا قراءة ابن عباس، وعروة بن الزبير، ومقاتل، ومجاهد، وابن أبي عبلة وغيرهم قوله تعالى: (ما ودعك ربك وما قلى) - بالتخفيف بحجة أن العرب أماتت ماضي (يدع) ومصدره، مع أن هؤلاء الذين قرأوها بالتخفيف هم من العرب ومن فصحائهم، ومنن يحتج بكلامهم، ومع أن الفعل جار على القياس، وبعض اللغويين يثبتون ذلك استنادا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: (لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات أو ليختمن على قلوبهم) (29) ومع أنهم يروون عن إمام النحاة أبي الأسود الدولي قوله:
ليت شعري عن خليلي ما الذي - غاله في الحب حتى ودعه (30) 3 - إن البصريين حين أسسوا قاعدة عدم جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف والمجرور، ردوا قراءة ابن عامر المتواترة: (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم) - الأنعام: 137 - وقراءة غيره:
(ولا تحسبن الله مخلف وعده رسله) - إبراهيم: 47 - مع أن لهما شواهد شعرية ونثرية يذكرها الكوفيون وشراح ابن مالك عادة، ولكن البصريين غالوا في ردها جميعا، وما ورد في الشعر أجازوه للضرورة، حتى أتهم الزمخشري في الكشاف عبد الله بن عامر - وهو أحد القراء السبعة، ومن كبار التابعين، ومن صميم العرب الذين يحتج بكلامهم - بقوله: (إن الذي حمله على ذلك أن رأى في بعض المصاحف (شركائهم) مكتوبا بالياء) (31) مما يوحي بأنه اختراع القراءة من نفسه، وقد ناقشه الأستاذ سعيد الأفغاني في كتابه (في أصول النحو) مناقشة جيدة، ختمها بقوله: (وكان على الزمخشري، وهو أعجمي تخرج بقواعد النحاة المبنية على الاستقراء الناقص، أن يتجرأ لنقد رجل عربي قويم الملكة، فصيح

(٢٩) أنظر مادة (ودع) في كل من: المصباح المنير، والنهاية، ولسان العرب وغيرها.
(30) الخصائص: 1 / 99.
(31) الكشاف: 2 / 70.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست