مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٢٦
التصريف، والمثنى والجمع، فرعان، مسألة لا دخل لها مطلقا في باب القياس، فالأصل والفرع في تنويع السيوطي من باب القياس، والأصل الفرع في أمثلته من باب الاشتقاق والتصريف!!
ويقول ابن جني: إن النحويين (شبهوا الأصل بالفرع في المعنى الذي أفاده الفرع من ذلك الأصل، ألا ترى أن سيبويه أجاز في قولك: (هذا الحسن الوجه) أن يكون الجر في الوجه من موضعين: أحدهما الإضافة، والآخر تشبيهه ب‍ (الضارب الرجل) الذي إنما جاز فيه الجر تشبيها ب‍ (الحسن الوجه) (54) ثم نسب ابن جني هذا الوضع (الدائر) إلى العرب، وذلك في دفاعه عن رأي سيبويه ب‍: (أن العرب إذا شبهت شيئا بشئ مكنت ذلك الشبه لهما، وعمرت به الحال بينهما، ألا تراهم لما شبهوا الفعل المضارع بالاسم فأعربوه، تمموا ذلك المعنى بينهما بأن شبهوا اسم الفاعل بالفعل فأعملوه) (55).
وقال في موضع سابق: (وهذا يدلك على تمكن (الفروع) عندهم، حتى أن (أصولها) التي أعطتها (حكما) من أحكامها قد حارت فاستعادت في فروعها ما كانت هي أدته إليها، وجعلته عطية منها لها!!) (56).
وهذا كلام لو صدر عن غير ابن جني لقيل: هو إلى الخيال الشعري أقرب منه إلى البحث اللغوي، وكله مما لا حاجة لهم به، لأن الدليل عليه، ليس هو القياس ولا التشبيه، وإنما هو كلام العرب الذي ثبت بالاستقراء، والعرب لم تشبه شيئا بشئ، ولم تفترض أن أحدهما أصل، والآخر فرع، وإنما أنت الذي شبهت الفعل المضارع بالاسم، فادعيت: أنه أعرب لذلك، وشبهت اسم الفاعل بالفعل، فادعيت: أنه أعمل لذلك، والحقيقة أن العرب نطقوا بالفعل المضارع مرفوعا، ومنصوبا، ومجزوما، ونطقهم بذلك يكفي في الدلالة على إعرابه، من دون حاجة إلى قياسه على الاسم، ولا تأتي النوبة إلى القياس إلا بعد فقدان النص

(54) الخصائص 1 / 303 - 304.
(55) الخصائص 1 / 303 - 304.
(56) الخصائص 1 / 298.
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست