مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٠٤
أصوله ومناهجه المهزوزة، لذلك طفقوا يحققون القواعد والأصول المثلى التي يجب أن يقوم عليها بناء الفن، سواء أكانت مسائله وأحكامه السابقة صحيحة في معيار هذه الأصول الجديدة أم فاسدة.
وعلى هذه الطريقة أسس الإمام الشافعي أصوله وبنى فقهه، وخالفه فيه الفقه القائم في مدرستي الكوفة والمدينة - أصولا وأحكاما - وفيهما فقه أستاذيه:
مالك بن أنس، ومحمد بن الحسن الشيباني، وذلك أن أصول الشافعي ومناهجه الجديدة تبطل من أصول مالك ما كان يعتمده من (إجماع أهل المدينة) و (المصالح المرسلة) و (سنة الصحابة) وغيرها. وتبطل من أصول العراقيين - أبي حنيفة وطلابه - ما كانوا يرونه من (الاجماع السكوتي) و (الاستحسان) و (الرأي)، وما كانوا يشترطونه للسنة من شروط تضيق دائرة الاعتماد على الحديث النبوي.
ثم جاء المتكلمون من أتباع المذهب الشافعي وغيرهم، فصقلوا هذه الأصول ووسعوها وأحكموا قواعدها، وخالفوا - في بعضها - ما ذهب إليه إمام المذهب، ولذلك كانت هذه الطريقة تسمى أحيانا ب‍ (طريقة الشافعية) وأحيانا ب‍ (طريقة المتكلمين).
2 - الطريقة الوصفية التسجيلية:
وهي أن يكون هذا التدوين - في جملته - (وصفا) لخطوات أصحاب الفن القائم، وطبيعته حينئذ طبيعة تاريخية، أي أن واضعي هذه الأصول رجعوا إلى مسائل هذا العلم وأحكامه، فلاحظوا أن العلماء السابقين كانوا يبنون حكمهم في هذه المسألة على هذا الأصل، وفي تلك المسألة على ذلك الأصل، وفي ثالثة على أصل ثالث، وهكذا إلى أن استقروا مسائل العلم كلها، وضموا الأصول المتشابهة بعضها إلى بعض، فحصل لهم، نتيجة استقرائهم الشامل وملاحظتهم الدقيقة، مجموعة من أصول هذا العلم ومناهجه.
وعلى هذه الطريقة دونت أصول الفقه عند الحنفية، وسميت ب‍ (طريقة
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست