فعل الطاعات والثاني ترك المعاصي، وهذا الشطر هو الأشد ورعايته أولى، لأن الطاعة يقدر عليها كل أحد، وترك المعاصي لا يقدر عليه إلا الصديقون.
ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " المهاجر من هاجر السوء، والمجاهد من جاهد هواه " (31).
وكان صلى الله عليه وآله إذا رجع من الجهاد يقول: " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " (32) يعني جهاد النفس.
وأيضا فإن شطر الاجتناب يزكو مع حصول ما يحصل معه من شطر الاكتساب وإن قل، ولا يزكو ما يحصل من شطر الاكتساب مع ما يفوت من شطر الاجتناب وإن كثر.
ولذلك قال صلى الله عليه وآله: " يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي الطعام من الملح " (33).
وقال صلى الله عليه وآله - في جواب من قال: إن شجرنا في الجنة لكثير -:
" نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها " (34).
وقال (صلى الله عليه وآله): " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " (35).
إلى غير ذلك من الآثار الواردة بذلك.
فإن ظفرت بالشطرين جميعا فقد حصلت على التقوى حقا، وإن اقتصرت على الأول كنت مغرورا، ومثلك في ذلك كمثل من زرع زرعا فنبت ونبت معه حشيش يفسده فأمر بتنقيته من أصله فأخذ يجز رأسه ويترك أصله، فلا يزال