مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٤ - الصفحة ٢١٨
الفلاح فيها غامض، وقد اندرس علمه وعمله وانمحى أثره، والورع المتقي في زماننا من راعى السلامة من المحرمات الظاهرة المدونة في كتب الفقه، وأهملوا تفقد قلوبهم ليمحوا عنها الصفات المذمومة عند الله تعالى من الحسد والكبر والبغضاء والرياء وطلب الرئاسة والعلى وسوء الخلق مع القرناء وإرادة السوء للأقران والخلطاء، حتى أن كثيرا لا يعدون ذلك من المعاصي مع أنها رأسها كما أشار إليه صلى الله عليه وآله بقوله: " أدنى الرياء الشرك " (42) وقوله صلى الله عليه وآله: " لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر " (43) وقوله صلى الله عليه وآله: " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " (44) وقوله صلى الله عليه وآله: " حب المال والشرف ينبتان النفاق كما ينبت الماء البقل " (45)... إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذه الباب. وقد قال صلى الله عليه وآله: " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " (46).
فهذه جماع أمر التقوى التي أوصانا الله تعالى بها، على وجه الإجمال وتفاصيلها تحتاج إلى مجال (47). ولنشفع وصية الله تعالى لعباده بوصية النبي لأمير المؤمنين عليه السلام: " يا علي، أوصيك في نفسك بخصال فاحفظها - ثم قال:
اللهم أعنه -:
أما الأولى: فالصدق، لا يخرجن من فيك كذبة أبدا، والثانية: الورع، لا تجترئ على جناية أبدا،

(٤٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٢٧٠ (٤٣) صحيح مسلم ١ / ٩٤ كتاب الإيمان، الباب ٤٠.
(٤٤) الترغيب والترهيب ٣ / ٥٤٧، المجازات النبوية: ٢٢١، الجامع الصغير ١ / ١٥١، حرف الحاء، روضة الواعظين ٢ / ٤٢٤، عدة الداعي: ٤٩٤، الكافي ٢ / 304، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وفيه: " الإيمان " بدل " الحسنات ".
(45) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر 1 / 155 و 256.
(46) الجامع الصغير، ج 1 حرف الهمزة، وشرحه: " فيض القدير " 2 / 277 الحديث 1832.
(47) في النسخة الثانية: " مجلدات ".
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست