قبل زمن الاتصال وقبل نقل الكتب اليونانية وترجمتها، فسيبويه والخليل وعيسى ابن عمر ينقلون عن نحاة قبلهم يعبرون عنهم ب " البادئين الأولين ".
2 - تأثير الثقافة السريانية: إذا فلا بد أن يكون الاكتساب من غير الحضارة الإغريقية المتأخر وفودها للبلاد الإسلامية، وكما يذهب إليه بعض المعاصرين أن النحو العربي متأثر بالنحو السرياني، فالسريانيون دخلوا الإسلام في خلافة عمر وخالطوا المسلمين مخالطة وثيقة آنذاك - وخصوصا في العراق -، " ولم يكن العلماء السريان هم السبيل الوحيد لهذا التأثر، بل اشترك معهم وربما بزهم أولئك الموالي من السريان الذين استعربوا وأسهموا في الدراسات النحوية والعربية إسهاما مباشرا " (86).
وكما مر أن (سيبوخت) قد شجع التعاون الثقافي بين المسلمين والسريان، فمثل هذا الاتصال الثقافي الوطيد بين العرب والسريان منذ صدر الإسلام يفرض أن يطلع المسلمون على التجارب الفكرية والثقافية - ومنها النحو - لدى السريان، ومن هنا تنشأ فكرة احتمال اكتساب النحو في بدايته من السريان، ونحن قد ناقشنا هذا الاحتمال.
3 - ولكن هذا الاحتمال - على تقدير تسليمه - لا يؤخر زمن الوضع عن تلك الفترة التي حددناها - أي زمن الإمام (عليه السلام) - إذ ليس هناك أي ضرورة للتأخير ما دام السريان كانوا منتشرين منذ خلافة عمر في الأوساط الإسلامية، ففي خلال هذه المدة إلى زمان خلافة الإمام - عليه السلام - ألا يحتمل أن تعرف المسلمون على الثقافة السريانية ومنها النحو؟
يقول العقاد في هذا المجال: " ولكن الروايات العربية لا تنتهي إلى مصدر أرجح من هذا المصدر، وغيرها من الروايات الأجنبية والفروض العلمية لا تمنع عقلا أن يكون الإمام - عليه السلام - أول من استنبط الأصول الأولى لعلم النحو العربي من مذاكرة العلماء بهذه الأصول بين أبناء الأمم التي تغشى الكوفة وحاضر