مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ٦٦
وجهه وأصالته، كما تأثرت سائر العلوم الإسلامية بمثل هذه الثقافات الوافدة بالرغم من أصالتها في بداياتها " فالعرب تأثروا بهما - أي بالفلسفة والمنطق اليونانيين - في تنظيم النحو وتهذيبه، وفي بعض مصطلحاته وأساليبه، وفي طريق الحجاج والمناقشة فيه، وهناك فرق بين نقل النحو عنهم أو تقليدهم والتأسي بهم في إبداعه وإنشائه، وبين الإفادة من هذا المنطق في طريقة البحث فيه والاستدلال عليه وفي استعارة بعض مصطلحاته أو السير على نهجه وأسلوبه " (85) وهذا الرأي الذي يذهب إلى تأثر النحو العربي في مراحل تطوره بالثقافات الأجنبية قد اعترف به حتى بعض النحاة والمؤرخين القدامى، لا في بدايات نشأته.
ومن هنا ظهرت حركة عند بعض القدامى والمعاصرين من النحاة في تهذيب النحو وتجريده من العناصر الدخيلة فيه والمسائل المتأثرة بالفلسفة والمنطق وإعادته إلى وجهه الأصيل، مما يدل على وجود قواعد ومسائل أصيلة في النحو غير متأثرة بالثقافات المستوردة والأجنبية.
مرحلة الوضع الزمنية:
وقد نسلم للمعارضين ونقول بأن النحو العربي ليس أصيلا في وضعه، بل هو مكتسب، وقد اكتسب من الثقافات الأجنبية.
وحتى على هذا الفرض، فإن مرحلة وضع النحو العربي لا تتأخر عن عصر الإمام - عليه السلام -، ولا ينهار الرأي الذي يذهب إلى وضع الإمام - عليه السلام - وأبي الأسود للنحو العربي وذلك:
1 - تأثير الثقافة اليونانية: قلنا إنه لا يمكن أن يكون الاكتساب من الثقافة اليونانية، وذلك لأننا ذكرنا أنه لا يمكن أن يكون الاكتساب من هذه الحضارة لأن اتصال المسلمين بها قد حدث في فترة متأخرة، والنحو العربي كان موجودا

(85) مدرسة البصرة النحوية: 101.
(٦٦)
مفاتيح البحث: مدينة البصرة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست