اللغة الأم، والتوافق كثير بين كل لغة وأختها " (83).
ونرى هذا التوافق بينهما ليس في مجال النحو فحسب، بل يشمل الكثير من المجالات اللغوية، وهذا ناشئ من تشابه اللغتين في الأصول وفي كثير من الملامح، لأنهما من منبع واحد هو اللغة السامية.
إذا " فالقواعد التي تستنبط من كل لغة تأتي متشابهة إلى حد كبير وقواعد اللغة الأخرى، وهذا لا يعني أن نحو هذه أخذ من نحو تلك، بل لأن الطبيعة اللغوية قد فرضت ذلك " (84) ونرى ذلك جليا في مجال التشابه في تقسيم الكلمة إلى ثلاثة أقسام في أكثر اللغات، لأن طبيعة الألفاظ البشرية تقتضي ذلك، وما دام الأمر كذلك فلا ضرورة للاكتساب ما دام هذا التوافق في الطبيعة اللغوية موجودا، ويكفي الفرد المثقف الواعي إلقاء نظرة واعية نافذة إلى لغته ليبصر ويكتشف أمثال هذه الأقسام أو غيرها من الأبواب اللغوية، فليس النحو علما خرج من العدم، وإنما هو قواعد موجودة في اللغة يعتمد اكتشافها على الاستقراء وقوة الملاحظة، وعمق في التفكير والوعي، ومعرفة واسعة في اللغة، وخاصة لو وجد الدافع الذي يحرك هذا التطلع في الإنسان ويثيره للبحث عنها، وقد توفرت كل هذه العناصر في أبي الأسود.
4 - مدى تأثير الثقافات الأجنبية:
ولكن القول بأصالة النحو العربي أصالة عامة شاملة في بداياته وفي مراحل تطوره وتوسعه وفي كل أبوابه وتفريعاته ومسائله لا يصح القول به أيضا، إذ نتيجة لمرور الزمن وسعة وشدة اتصال العرب بالأجانب واختلاطهم بهم والتلاقح الثقافي بينهم والانبهار والتأثر الشديد بالفلسفة والمنطق وبعض العلوم الوافدة من الثقافات الأخرى دخلت للنحو مسائل وعناصر جديدة وغريبة عن